رد على شبهة ان الصحابه الكرام انقلبو بعد وفاة النبي الاكرم صلى الله عليه وسلم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المراد بالأصحاب هنا أولئك الذين ارتدوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم،
كحال الكثير من العرب المرتدين، وممن أسلموا في السنوات الأخيرة.
السؤال الأول:
كيف يمكن لنا أن نقول بعدالة الصحابة جميعاً،
والله تبارك وتعالى قد صرح بردتهم جميعاً بعد وفاة نبيه إلا ثلاثة منهم([1])،
مثلما جاء في قوله تبارك وتعالى:
((وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ
انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ)) [آل عمران:144].
الجواب:
أولاً: يجب على القارئ لكتب التفسير أن يختار من يقرأ له من المفسرين،
فيتحرى أصحاب العقائد الصحيحة،
ممن شهد له العلماء المجتهدون بالعلم والفضل، ويكون على إلمام بأصول التفسير كأسباب نزول القرآن،
والناسخ والمنسوخ، والخاص والعام، وغيره حتى لا يفسر أو يأوّل كلام الله تعالى من غير علم.
ثانياً: ذكر علماء التاريخ،
وكذا المفسرون أن تلك الآية نزلت في واقعة محددة معلومة، وهي انهزام المسلمين في غزوة أحد،
وكانت هذه الواقعة من أوائل الغزوات التي قاتل فيها المسلمون،
فكيف يكون ما نزل في بداية الهجرة، وفي حادثة معينة محددة،
دليلاً على ردة الصحابة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم؟!
قال الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسيره: سبب النزول،
أن الآية الأولى من هاتين الآيتين ناظرة أيضاً إلى حادثة أخرى من حوادث معركة أحد،
وهي الصيحة التي ارتفعت فجأة في ذروة القتال بين المسلمين والوثنين: أن قتلت محمداً، قتلت محمداً([2]).
وقال محمد جواد مغنية في تفسيره: تشير هذه الآية إلى واقعة معينة وهي واقعة أحد([3]).
ثالثاً: سياق الآية لا يدل على ردة الصحابة، بل فيه معاتبة وإرشاد من الله عز وجل
للصحابة على ما كان منهم من هلع وجزع في غزوة أحد،
عندما قيل لهم: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد قُتل ,
فيخبر الله هؤلاء النفر: أن محمداً بشر، اختاره الله لرسالته إلى خلقه
وقد مضت قبله رسل،
بعثهم الله لأقوامهم فأدوا الرسالة ومضوا وماتوا، وقُتل بعضهم،
وأنه كما ماتت الرسل قبله سيموت صلى الله عليه وسلم، فليس الموت بمستحيل عليه ولربما القتل، ثم أكد ذلك،
فقال سبحانه: ((أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ))
[آل عمران:144]
معناه: أفإن أماته الله، أو قتله الكفار، ارتددتم كفارا بعد إيمانكم فسمي الارتداد انقلاباً على العقب: وهو الرجوع القهقرى؛
لأن الردة خروج إلى أقبح الأديان، كما أن الانقلاب خروج إلى أقبح ما يكون من المشي.
والألف في قوله (أفإن مات): ألف إنكار، صورته صورة الاستفهام،
كما في قوله تعالى: ((وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِيْنْ مِتَّ فَهُمْ الْخَالِدُونَ)) [الأنبياء:34].
رابعاً: كيف نحكم على من انهزم من الصحابة بالردة وقد عفا الله عنهم بقوله:
((إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمْ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا
وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ))
[آل عمران:155]؟!
خامساً: إن هذه الآية تذكرنا بموقف أبي بكر الصديق رضي الله عنه،
وشجاعته وقوة تعلقه بالله تبارك وتعالى، واستحضاره لآياته عند المواقف الصعبة
بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم
بقوله: ((وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ
عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ))
[آل عمران:144].
حينما كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في صدمة من شدة الموقف،
فمنهم من أنكر موت النبي صلى الله عليه وسلم كعمر بن الخطاب رضي الله عنه لشدة تعلق قلبه بحبيبه،
ومنهم من التزم الصمت وهو في حيرة، وارتد كذلك كثير من الأعراب عن الإسلام
بسبب موت النبي صلى الله عليه وسلم،وترك بعضهم الزكاة وغيرها كما أسلفنا.
سادساً: من المعلوم أن الذي يرتد عن الإسلام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم لا يقال عنه صحابي؛
لأن الصحابي في الشرع كما أسلفنا هو من لقي النبي مؤمناً به ومات على الإسلام،
والذي يرتد عن الإسلام لا يكون منهم.
السؤال الثاني:
كيف يمكن لنا أيضاً أن نحكم على عدالة وصدق من حكم الله على ردتهم وتبديلهم لدينهم يوم القيامة،
مثلما هو وارد في حديث الحوض،والذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم:
(أصحابي أصحابي)،
ثم أتاه الجواب الحاسم من ربه: إنهم لم يزالوا مرتدين منذ فارقتهم؟
الجواب:
يمكن توجيه هذا الاستدلال إلى الفهم الصحيح من خلال الآتي:
أولاً: أن المراد بالأصحاب هنا هم المنافقون الذين كانوا يظهرون الإسلام
في عهد النبي صلى الله عليه وسلم،
كما قال الله تبارك وتعالى: ((إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ
إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ))
[المنافقون:1].
والمنافقون فيهم من عَلِمَ النبي صلى الله عليه وسلم باطنه - وهم الأكثر-
وفيهم من لم يعلمه وأولئك الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم:
(أصحابي أصحابي)
كانوا من المنافقين الذين خفي باطنهم على النبي صلى الله عليه وسلم،
كما قال جل وعلا: ((وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنْ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا
عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ))
[التوبة:101].
فالذين قال فيهم (أصحابي) عند الحوض كانوا من المنافقين المتواجدين في المدينة،
والذين كان يظن صلى الله عليه وسلم أنهم من الصحابة، ولم يكونوا كذلك،
لعدم معرفته صلى الله عليه وسلم للغيب وأحوال الناس الباطنة،
وكان الحكم الشرعي يقتضي الحكم على الظاهر فقط.
ثانياً: قد يكون المراد بالأصحاب هنا أولئك الذين ارتدوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم،
كحال الكثير من العرب المرتدين، وممن أسلموا في السنوات الأخيرة.
روى المجلسي في البحار عن السيد ابن طاوس أنه قال:
ذكر العباس بن عبد الرحيم المروزي في تاريخه:
لم يلبث الإسلام بعد فوت النبي صلى الله عليه وسلم في طوايف العرب
إلا في أهل المدينة وأهل مكة وأهل الطائف، وارتد ساير الناس.
ثم قال: ارتد بنو تميم والرباب واجتمعوا على مالك بن نويرة اليربوعي،
وارتدت ربيعة كلها،
وكانت لهم ثلاث عساكر، باليمامة مع مسيلمة الكذاب، وعسكر مع معرور الشيباني،
وفيه بنو شيبان وعامة بكر بن وايل وعسكر مع الحطيم العبدي، وارتد أهل اليمن ارتد الأشعث بن قيس في كندة،
وارتد أهل مأرب مع الأسود العنسي وارتد بنو عامر إلا علقة بن علاثة([4]).
ثالثاً: قد يراد بكلمة (أصحابي) كل من صحب النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الطريق القويم،
ولو لم يره، ويدل على هذا رواية: (أمتي، أمتي) ورواية: (إنهم أمتي).
وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أعرفهم)،
فالنبي صلى الله عليه وسلم قد بين أنه يعرف هذه الأمة من آثار الوضوء.
وهذا كما قال الله عز وجل على لسان النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى:
((وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً))
[الفرقان:30]
فالنبي صلى الله عليه وسلم لا يقصد بالقوم أصحابه ومن كان في زمنه،
بل يقصد ما سيحدثه أتباعه من أمته من بعده بهجرانهم للقرآن.
فهؤلاء هم الذين يقول فيهم النبي صلى الله عليه وسلم:
(أصحابي أصحابي).
فيقال له: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك.. أي: إنهم لم يزالوا مرتدين على أدبارهم منذ فارقتهم.
********************
__________________
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المراد بالأصحاب هنا أولئك الذين ارتدوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم،
كحال الكثير من العرب المرتدين، وممن أسلموا في السنوات الأخيرة.
السؤال الأول:
كيف يمكن لنا أن نقول بعدالة الصحابة جميعاً،
والله تبارك وتعالى قد صرح بردتهم جميعاً بعد وفاة نبيه إلا ثلاثة منهم([1])،
مثلما جاء في قوله تبارك وتعالى:
((وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ
انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ)) [آل عمران:144].
الجواب:
أولاً: يجب على القارئ لكتب التفسير أن يختار من يقرأ له من المفسرين،
فيتحرى أصحاب العقائد الصحيحة،
ممن شهد له العلماء المجتهدون بالعلم والفضل، ويكون على إلمام بأصول التفسير كأسباب نزول القرآن،
والناسخ والمنسوخ، والخاص والعام، وغيره حتى لا يفسر أو يأوّل كلام الله تعالى من غير علم.
ثانياً: ذكر علماء التاريخ،
وكذا المفسرون أن تلك الآية نزلت في واقعة محددة معلومة، وهي انهزام المسلمين في غزوة أحد،
وكانت هذه الواقعة من أوائل الغزوات التي قاتل فيها المسلمون،
فكيف يكون ما نزل في بداية الهجرة، وفي حادثة معينة محددة،
دليلاً على ردة الصحابة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم؟!
قال الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسيره: سبب النزول،
أن الآية الأولى من هاتين الآيتين ناظرة أيضاً إلى حادثة أخرى من حوادث معركة أحد،
وهي الصيحة التي ارتفعت فجأة في ذروة القتال بين المسلمين والوثنين: أن قتلت محمداً، قتلت محمداً([2]).
وقال محمد جواد مغنية في تفسيره: تشير هذه الآية إلى واقعة معينة وهي واقعة أحد([3]).
ثالثاً: سياق الآية لا يدل على ردة الصحابة، بل فيه معاتبة وإرشاد من الله عز وجل
للصحابة على ما كان منهم من هلع وجزع في غزوة أحد،
عندما قيل لهم: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد قُتل ,
فيخبر الله هؤلاء النفر: أن محمداً بشر، اختاره الله لرسالته إلى خلقه
وقد مضت قبله رسل،
بعثهم الله لأقوامهم فأدوا الرسالة ومضوا وماتوا، وقُتل بعضهم،
وأنه كما ماتت الرسل قبله سيموت صلى الله عليه وسلم، فليس الموت بمستحيل عليه ولربما القتل، ثم أكد ذلك،
فقال سبحانه: ((أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ))
[آل عمران:144]
معناه: أفإن أماته الله، أو قتله الكفار، ارتددتم كفارا بعد إيمانكم فسمي الارتداد انقلاباً على العقب: وهو الرجوع القهقرى؛
لأن الردة خروج إلى أقبح الأديان، كما أن الانقلاب خروج إلى أقبح ما يكون من المشي.
والألف في قوله (أفإن مات): ألف إنكار، صورته صورة الاستفهام،
كما في قوله تعالى: ((وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِيْنْ مِتَّ فَهُمْ الْخَالِدُونَ)) [الأنبياء:34].
رابعاً: كيف نحكم على من انهزم من الصحابة بالردة وقد عفا الله عنهم بقوله:
((إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمْ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا
وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ))
[آل عمران:155]؟!
خامساً: إن هذه الآية تذكرنا بموقف أبي بكر الصديق رضي الله عنه،
وشجاعته وقوة تعلقه بالله تبارك وتعالى، واستحضاره لآياته عند المواقف الصعبة
بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم
بقوله: ((وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ
عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ))
[آل عمران:144].
حينما كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في صدمة من شدة الموقف،
فمنهم من أنكر موت النبي صلى الله عليه وسلم كعمر بن الخطاب رضي الله عنه لشدة تعلق قلبه بحبيبه،
ومنهم من التزم الصمت وهو في حيرة، وارتد كذلك كثير من الأعراب عن الإسلام
بسبب موت النبي صلى الله عليه وسلم،وترك بعضهم الزكاة وغيرها كما أسلفنا.
سادساً: من المعلوم أن الذي يرتد عن الإسلام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم لا يقال عنه صحابي؛
لأن الصحابي في الشرع كما أسلفنا هو من لقي النبي مؤمناً به ومات على الإسلام،
والذي يرتد عن الإسلام لا يكون منهم.
السؤال الثاني:
كيف يمكن لنا أيضاً أن نحكم على عدالة وصدق من حكم الله على ردتهم وتبديلهم لدينهم يوم القيامة،
مثلما هو وارد في حديث الحوض،والذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم:
(أصحابي أصحابي)،
ثم أتاه الجواب الحاسم من ربه: إنهم لم يزالوا مرتدين منذ فارقتهم؟
الجواب:
يمكن توجيه هذا الاستدلال إلى الفهم الصحيح من خلال الآتي:
أولاً: أن المراد بالأصحاب هنا هم المنافقون الذين كانوا يظهرون الإسلام
في عهد النبي صلى الله عليه وسلم،
كما قال الله تبارك وتعالى: ((إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ
إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ))
[المنافقون:1].
والمنافقون فيهم من عَلِمَ النبي صلى الله عليه وسلم باطنه - وهم الأكثر-
وفيهم من لم يعلمه وأولئك الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم:
(أصحابي أصحابي)
كانوا من المنافقين الذين خفي باطنهم على النبي صلى الله عليه وسلم،
كما قال جل وعلا: ((وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنْ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا
عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ))
[التوبة:101].
فالذين قال فيهم (أصحابي) عند الحوض كانوا من المنافقين المتواجدين في المدينة،
والذين كان يظن صلى الله عليه وسلم أنهم من الصحابة، ولم يكونوا كذلك،
لعدم معرفته صلى الله عليه وسلم للغيب وأحوال الناس الباطنة،
وكان الحكم الشرعي يقتضي الحكم على الظاهر فقط.
ثانياً: قد يكون المراد بالأصحاب هنا أولئك الذين ارتدوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم،
كحال الكثير من العرب المرتدين، وممن أسلموا في السنوات الأخيرة.
روى المجلسي في البحار عن السيد ابن طاوس أنه قال:
ذكر العباس بن عبد الرحيم المروزي في تاريخه:
لم يلبث الإسلام بعد فوت النبي صلى الله عليه وسلم في طوايف العرب
إلا في أهل المدينة وأهل مكة وأهل الطائف، وارتد ساير الناس.
ثم قال: ارتد بنو تميم والرباب واجتمعوا على مالك بن نويرة اليربوعي،
وارتدت ربيعة كلها،
وكانت لهم ثلاث عساكر، باليمامة مع مسيلمة الكذاب، وعسكر مع معرور الشيباني،
وفيه بنو شيبان وعامة بكر بن وايل وعسكر مع الحطيم العبدي، وارتد أهل اليمن ارتد الأشعث بن قيس في كندة،
وارتد أهل مأرب مع الأسود العنسي وارتد بنو عامر إلا علقة بن علاثة([4]).
ثالثاً: قد يراد بكلمة (أصحابي) كل من صحب النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الطريق القويم،
ولو لم يره، ويدل على هذا رواية: (أمتي، أمتي) ورواية: (إنهم أمتي).
وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أعرفهم)،
فالنبي صلى الله عليه وسلم قد بين أنه يعرف هذه الأمة من آثار الوضوء.
وهذا كما قال الله عز وجل على لسان النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى:
((وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً))
[الفرقان:30]
فالنبي صلى الله عليه وسلم لا يقصد بالقوم أصحابه ومن كان في زمنه،
بل يقصد ما سيحدثه أتباعه من أمته من بعده بهجرانهم للقرآن.
فهؤلاء هم الذين يقول فيهم النبي صلى الله عليه وسلم:
(أصحابي أصحابي).
فيقال له: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك.. أي: إنهم لم يزالوا مرتدين على أدبارهم منذ فارقتهم.
********************
([1]) انظر: رجال الكشي: (ص:11)، بحار الأنوار: (28/259) (71/220)،
الاختصاص: (ص: 6).
([2]) تفسير الأمثل: (2/169).
([3]) تفسير الكاشف: (2/554).
([4]) بحار الأنوار (28/11).
الاختصاص: (ص: 6).
([2]) تفسير الأمثل: (2/169).
([3]) تفسير الكاشف: (2/554).
([4]) بحار الأنوار (28/11).
__________________
تعليق