إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

دراسة حول شخصية الصحابى أبو هريرة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • دراسة حول شخصية الصحابى أبو هريرة

    بسم الله الرحمن الرحيم
    أولا : مــن هــو الصحابى الغامض أبــو هــريــرة ؟

    أبو هريرة رجل مجهول غامض النسب . ظهر فجأة على مسرح الأحداث . فأختلف الناس فى أسمه و أسم أبيه .
    1- يذكر يوسف بن عبد الله بن عبد البر ( المتوفى 463 هـ ) فى كتابه ( الأستيعاب فى معرفة الأصحاب 4 :1768 ) :
    قال خلفية بن خياط أبو هريرة هو عمير بن عامر بن عبد ذي الشرى بن طريف
    قال أبو عمر اختلفوا في اسم أبي هريرة و اسم أبيه اختلافا كثيرا لا يحاط به و لا يضبط في الجاهلية و الإسلام
    و يقال اسم أبي هريرة عبد الله بن عامر . و يقال برير بن عشرقة . و يقال سكين بن دومة .
    و قال احمد بن زهير سمعت أبي يقول اسم أبي هريرة عبد الله بن عبد شمس . و يقال عامر . و قال سمعت أحمد بن حنبل يقول اسم أبي هريرة عبد الله بن عبد شمس . و يقال عبد نهم بن عامر . و يقال عبد غنم . و يقال سكين .
    وقال عباس سمعت يحيى بن معين يقول اسم أبي هريرة عبد شمس . و قال أبو نعيم اسم أبي هريرة عبد شمس . و روى سفيان بن حصين عن الزهري عن المحرر بن أبي هريرة قال اسم أبي هريرة عبد عمرو بن عبد غنم .
    و قال أبو حفص الفلاس أصح شيء عندنا في اسم أبي هريرة عبد عمرو بن عبد غنم .
    و قال ابن الجارود اسم أبي هريرة كردوس .
    وروى الفضل بن موسى السيناني عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عبد شمس من الأزد من دوس .
    وذكر أبو حاتم الرازي عن الأوسي عن ابن لهيعة قال اسم أبي هريرة كردوس بن عامر .
    وذكر البخاري عن ابن أبي الأسود قال اسم أبي هريرة عبد شمس .و يقال عبد نهم أو عبد عمرو .
    قال الهيثم بن عدي كان اسم أبي هريرة في الجاهلية عبد شمس وفي الإسلام عبد الله وهو من الأزد من دوس .

    2- و يذكر أحمد بن علي بن حجر العسقلانى ( 773 – 852 هـ ) فى كتابه (الأصابة فى تميز الصحابة 7: 425 ) :
    أبو هريرة بن عامر بن عبد ذي الشري بن طريف
    وقال عباس الدوري عن أبي بكر بن أبي الأسود سكين بن جابر .
    و أخرج أبو أحمد الحاكم بسند صحيح عن صالح بن كيسان قال اسمه عامر .
    و مثله حكاه الهيثم بن عدي عن بن عباس و زاد انه بن عبد شمس بن عبد غنم بن عبد ذي الشري .
    وقال أبو مسهر عن سعيد بن عبد العزيز هو عامر بن عبد شمس .وقيل عبد غنم . و قيل سكين بن عامر .
    و قال خليفة اختلف في اسمه فقيل عمير بن عامر . و قيل سكين بن دومة . و يقال عبد عمرو بن عبد غنم . و قيل عبد الله بن عامر . و قيل برير . أو يزيد بن عشرقة .
    و قال الفلاس اختلفوا في اسمه والذي صح أنه عبد عمرو بن عبد غنم . و يقال سكين .
    و قال البغوي حدثنا محمد بن حميد حدثنا أبو نميلة حدثنا محمد بن عبيد الله قال اسمه سعد بن الحارث .
    قال البغوي و بلغني أن اسمه عبد ياليل .
    و قال بن سعد عن الواقدي كان اسمه عبد شمس فسمى في الإسلام عبد الله .
    ونقل عن الهيثم مثله و زاد البغوي عن الواقدي و يقال إنه عبد الله بن عائذ .
    و قال بن البرقي اسمه عبد الرحمن . و يقال عبد شمس . و يقال عبد غنم . و يقال عبد الله . و يقال بل هو عبد نهم . و قيل عبد تيم .
    وحكى أبو نعيم فيه عبد العزى وسكن بفتحتين .

    3- و جاء فى كتابه ( رجال صحيح البخارى 2 : 492) لأبى نصر أحمد بن محمد بن حسين ( المتوفى 398 هـ) :
    عن سفيان بن حسين عن الزهري عن المحرر بن أبى هريرة كان اسم أبي عبد عمرو بن عبد غنم .
    و قال أيضا حدثني الحسن بن حماد قال سمعت أحمد ابن حنبل يقول اسم أبي هريرة عبد شمس . و يقال عبد فهم . و يقال عبد غنم . و يقال سكين بن عامر .
    و قال أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي ( 209 – 279 هـ ) أبو هريرة اسمه عبدالله بن عمرو .
    و قال الهيثم اسمه عامر بن عبد شمس و سمي عبد شمس في الإسلام عبدالله .
    و قال أبو بكر بن ابن أبي شيبة ( 159-235 هـ ) اسمه عبد شمس . و يقال عبد فهم .و يقال سكين .و يقال عبدالرحمن بن صخر .
    و قال أبو عبد الله محمد بن عمر الواقدى اسمه عبدالله بن عمرو . و يقال عبدالله بن عبدالعزى .
    و قال عمرو بن علي الذي صح عبد عمرو بن عبد غنم

    و ستظل حقيقة هذا الرجل غامضة …و يبدو أن مجرد أسم هذا الشخص سيظل لغزا من الألغاز

    إن ما أستعرضناه عن الأقوال و الآراء المتضاربة المشوشة حول الأسم الحقيقى لأبى هريرة و أسم أبيه أمر جد خطير على غير ما يبدو للمتصفح العادى :
    الثابت أن قبائل العرب قبل الإسلام حرصت على حفظ أنسابها و كان بين أفرادها من له الخبرة و المعرفة بالأنساب و هؤلاء الطائفة عرفوا بأسم ( النسابة ) و منهم الثلاثة الأشهر جبير بن مطعم و مخرمة بن نوفل و عقيل بن أبى طالب الذين كلفهم الخليفة عمر بن الخطاب بتحديد الأنساب عندما عزم على تشكيل ديوان العطايا . و لعل أشهر مراجع الأنساب ( جمهرة الأنساب ) لهشام بن محمد الكلبى .
    و لنا أن نسأل :
    كيف قذفت الأرض فجأة رجلا يقول أنه جاء ليعلن أسلامه و إذا بالعرب لا يعرفون له ماضيا و لا أسما له و لا لأبيه ؟ ...
    بهذه البداية التى تضفى جوا من الغموض و الشك و الريبة حول أبى هريرة نبدأ رحلة البحث عن الحقيقة


    أبـــو هـــريـــرة فــى عــهـــد رســول الله صلى الله عليه و آله و سلم :

    ولد فى اليمن سنة 21 ق . هـ و نشأ حتى قارب الثلاثين عاما جاهلا يؤجر نفسه بطعام بطنه . و قدم على رسول الله آخر العام 7 هـ فصحبته له لا تتجاوز سنة واحدة و 4 شهور .و عندما قدم المدينة أسكنه رسول الله مع أهل الصفة بالمسجد.
    و لم يكن أبو هريرة من الذين عرفوا بالجهاد و لا بالشجاعة ولا يعد من الدهاة أو الفقهاء و كان أميا جاهلا يعترض طريق الصحابة و يمثل دور المجنون طمعا فى أن يطعموه !! .
    فيقول عن نفسه :
    رأيتني لأخر فيما بين المنبر و حجرة عائشة مغشيا على فيجئ الجائى فيضع رجله على عنقى و يرى أنى مجنون و ما بى جنون الا الجوع
    * صحيح البخاري - كتاب الأعتصام بالكتاب و السنة - حديث 7324

    و كان لا يهتم بنظافته فكان كريه الهيئة فكان القمل يدب على رداءه !
    * البداية و النهاية لأبن كثير 612:5

    و أشتغل أبو هريرة خادما لعثمان بن عفان و غيره يخدمهم و يسوق بهائمهم فيقول عن نفسه :
    كنت أجيرا لأبن عفان و أبنة غزوان بطعام بطنى. أسوق بهم اذا ركبوا و أخدمهم اذا نزلوا
    * الطبقات الكبري لأبن سعد 3 :231

    و لنترك القارئ يتخيل منظر أبو هريرة على عهد رسول الله كما وصفته مصادر أهل السنة و الجماعة :
    رجل مجهول الأصل لا نعرف حتى ما أسمه . جاهلا أميا . يراه الناس مجنونا . يدب عليه القمل . متسولا . يخدم الأشراف و يسوق البهائم !!
    و لا نجده من السابقين الأولين و لا من المهاجرين و لا من الأنصار و لا من المجاهدين بأموالهم و لا المجاهدون بأنفسهم و لا من الحنفاء فى الجاهلية و لا من أوائل المسلمين و لا من شعراء النبى و لا من القراء .
    حتى أن العجيب أن البخارى قد خصص بابا فى صحيحه أسماه ( باب فضائل الصحابة ) أورد فيه مناقب و فضائل 24 صحابى و لا نجد أنه يذكر بابا لفضائل أبو هريرة !

    لقد كان هذا الرجل المجهول شاذا عن المجتمع الأسلامى كما نرى :
    ففي هذا المجتمع القبلى الذي تعرف فيه أنساب الرجال الى أربعين جد نجده مجهولا لا نعرف على وجه اليقين ما أسمه و لا أسم أبيه
    و فى المجتمع الأسلامى الذي يتطهر الناس فيه خمس مرات يوميا نجد القمل يدب عليه
    و فى المجتمع الأسلامى الذي يحث على العلم حتى ان رسول الله جعل فداء الأسير ان يعلم عشرة صبيان نجده جاهلا لا يقرأ و لا يكتب

    و برغم كل ما سبق الا أن هذا الرجل المجهول الجاهل سيكون له شأن عظيم فى وجدان أهل السنة بعد ذلك و سيعتمدون عليه أعتمادا أساسيا لمعرفة السنة النبوية !

    هل كان أبو هريرة ملازما لرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم :
    لقد أخذ أبو هريرة يصور للعامة أنه ألصق الصحابة برسول الله و أكثرهم ملازمة له على الأطلاق فكان يروى :
    قدمت سنة سبع و رسول الله بخيبر فأقمت معه حتى توفى .أدور معه في بيوت نساءه و أخدمه و أصلى خلفه و أحج و أغزو معه فكنت و الله أعلم الناس بحديثه .قدو الله سبقني قوم بصحبته و الهجرة اليه من قريش و الأنصار وكانوا يعرفون لزومى له فيسألوننى عن حديثه
    * البداية و النهاية لأبن كثير 5 : 609
    فهل كان أبو هريرة صادقا فى ذلك ؟
    الأجابة ببساطة : بالقطع لا . فثابت اليقين أن أبو هريرة لم يكن ملازما لرسول الله و لا حاجة ! . و إليك الدليل :
    أسلم أبو هريرة سنة 7 هـ و توفى رسول الله سنة 11 هـ . إلا أن هذا لا يعنى أن أبو هريرة صحب رسول الله حتى فى تلك الفترة .
    سنة 7 هـ :
    - غزوة خيبر ( من المحرم إلى صفر ) : لم يصحب أبو هريرة رسول الله تلك المدة . إذ لحق بالنبى بعدما فرغ من فتح خيبر
    * سير أعلام النبلاء للذهبى 2 : 588
    - عمرة القضاء ( ذو القعدة ) : لم يصحب أبو هريرة رسول الله تلك المدة . إذ لم يخرج مع رسول الله إلا فقط من صد عام الحديبية
    * البداية و النهاية لأبن كثير 3 : 410
    سنة 8 هـ :
    - غزوة مؤتة ( جمادى الأولى ) : لم يصحب أبو هريرة رسول الله تلك المدة . إذ خرج مع الخارجين للغزوة
    * البداية و النهاية لأبن كثير 3 : 429
    و قبل أن يأتى رمضان سنة 8 هـ أنقطعت صلة أبو هريرة تماما برسول الله إلى الأبد !
    إذ بعث رسول الله العلاء بن الحضرمى إلى المنذر بن ساوى أمير البحرين فخرج معه أبو هريرة فتوفى رسول الله فى ربيع الأول سنة 11 هـ و هو بالبحرين
    فتكون صحبة أبو هريرة لرسول الله عدة شهور فقط مبعثرة بين سنتى 7 و 8 هـ !

    أبــو هــريـــرة فــى عــهــد الـخلـيـفـة عـمـر بـن الـخـطـاب

    ظل أبو هريرة خاملا طيلة خلافة أبو بكرالصديق لا نجد له ذكرا يذكر لا يستضئ بنور بصيرة و لا يقدح بزناد فهم ..
    و ظل على هذا الحال ثمانى سنوات من خلافة عمر عندما أستعمله على البحرين سنة 21 هـ خلفا للعلاء بن الحضرمى بعد وفاته الا ان عمر ما لبث أن عزله بعد عامين فقط و ولاها عثمان بن العاص الثقفى بعد أتهمه بالسرقة فعزله و أغرمه
    يذكر محمد بن سعد فى الطبقات الكبرى الواقعة كما رواها أبو هريرة نفسه :
    كنت عاملا بالبحرين فقدمت على عمر بن الخطاب فقال : عدوا لله و للاسلام . أو قال عدوا لله و لكتابه سرقت مال الله .
    قلت : لا ولكني عدو من عاداهما خيل لي تناتجت وسهام لي اجتمعت .
    فأخذ مني اثني عشر ألفا . قال : ثم أرسل الى بعد أن ألا تعمل قلت :لا قال : لم أليس قد عمل يوسف .
    قلت : يوسف نبي بن نبي فأخشى من عملكم ثلاثا أو اثنتين قال أفلا تقول خمسا قلت لا أخاف أن يشتموا عرضي ويأخذوا مالي ويضربوا ظهري وأخاف ان أقول بغير حلم وأقضي بغير علم .
    و عن أبي هريرة قال قال لي عمر : يا عدو الله وعدو كتابه أسرقت مال الله .
    قال فقلت : ما أنا بعدو الله ولا عدو كتابه ولكني عدو من عاداهما ولا سرقت مال الله .
    قال: فمن أين اجتمعت لك عشرة آلاف .
    قال قلت: يا أمير المؤمنين خيلي تناسلت وسهامي تلاحقت وعطائي تلاحق . قال فأمر بها أمير المؤمنين فقبضت ....

    و نرى فى الرواية أن الخليفة عمر بن الخطاب لم يصدق دفاع أبو هريرة عن نفسه فى أنها من مصدر حلال و صادر المال . و دعوى عرض الخليفة له ليعود واليا مردود عليها أبضا بأنه إن حقا قد ثبتت للخليفة براءته فلماذا لم يعد إليه ماله الذى فى هذه الحالة يعتبر مالا صودر منه ظلما ؟
    و قد يدفع البعض عن أبى هريرة بقوله كيف يكون كما ذكرنا من الجهل و الأمية و خمول النسب بينما نجد الخليفة عمر بن الخطاب يختاره ليوليه واليا على البحرين ؟
    و الرد على ذلك :
    1- نحن نسأل بدورنا هؤلاء المدافعون : هل عمر بن الخطاب أرشد رأيا و أعصم من رسول الله ؟ …اللهم لا
    و مع ذلك فقد ولى رسول الله رجلا أمرا و إذا بالقرآن يفضح فسقه . فقد بعث رسول الله الوليد بن عقبة بن أبى معيط الى بنى المصطلق و كلفه بدعوتهم للأسلام فاذا به نجده يخون الثقة و يخبر النبى كذبا بردتهم فأنزل الله فيه قرآن يفضحه بأنه أنما كان فاسقا ( يا أيها الذين آمنوا اذا جائكم فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )
    2- فى عهد عمر بن الخطاب لم تكن روايات أبو هريرة قد ظهرت بشكل واضح وذلك نظرا لصرامة عمر بن الخطاب فلم يجرؤ أبو هريرة على الكذب على رسول الله على عهد عمر أنما أكثر من بعد وفاة عمر بن الخطاب

    أبو هـريـرة فى عهد أمير المؤمنين عـلي بـن أبـى طـالب عليه السلام

    - فى سنة 40 هـ بعث معاوية بن أبى سفيان جيشا بقيادة بسر بن أرطأة فأحتل الحجاز و اليمن و أعمل القتل و سفك الدماء و أرغم الناس على بيعة معاوية . فنال أبو هريرة الحظوة نتيجة أخلاصه لبنى أمية و أمتناعه عن بيعة أمير المؤمنين علي فولاه السفاح بسر بن أرطأة أمارة المدينة بأسم سيده معاوية بن أبى سفيان و هدد أهل المدينة : قد أستخلفت عليكم أبا هريرة فإياكم و خلافه
    و بذلك أنضم أبو هريرة لحزب معاوية فتولى له إمارة المدينة المنورة . و بذلك أيضا عمل على منع أن تصل كلمة خليفة المسلمين الراشد الشرعي الإمام علي إلى المدينة .

    - أرسل الإمام علي جيشا لأستعادة الحجاز و اليمن بقيادة جارية بن قدامة السعدي فلما أقترب من المدينة أسرع أبو هريرة بالفرار منها قبل أن يدخلها قائد جيش أمير المؤمنين جارية بن قدامة . فلما دخلها أخذ يبحث عن أبى هريرة ليقتله جزاء تحزبه لبنى أمية و الفئة الباغية و يقول : لو وجدت أبا سنور لقتلته
    * الكامل فى التاريخ لأبن الأثير 3 : 384

    أبـو هـريـرة فـى عـهـد أسـيـاده بـنـى أمــيـــة

    - أستشهد أمير المؤمنين علي و تنازل الإمام الحسن بن علي لمعاوية فنال أبو هريرة الحظوة لدى بني أمية فعاد أميرا على المدينة فأعتلى منبرها مرة آخرى و أخذ يروي المزيد من أحاديث رسول الله ما سيرد لاحقا ..
    كما تزوج من السيدة الشريفة التى كان خادما لها و هى السيدة بسرة بنت غزوان أخت الصحابى عتبة بن غزوان البدرى ذو الهجرتين فأخذ يذلها و ينفس عن كبته فيقول عن نفسه :
    أكريت نفسي من بنت غزوان على طعام بطنى فكانت تكلفنى ان أركب قائما و أورد حافيا فلما كان بعد ذلك زوجنيها الله فكلفتها أن تركب قائمة و أن تورد حافية
    * الطبقات الكبرى لأبن سعد 3 : 230
    و هل من شيم الكرام أهانة زوجاتهم و تناول ذلك على الملأ ؟

    - و أخذ أبو هريرة يغرف من متع الدنيا التى أغدقها عليه أسياده من بنى أمية فسكن قصرا بالعقيق . و خطب يوما على المنبر فقال :
    الحمد لله الذى أطعمنى الخمير و ألبسنى الحرير و زوجنى بنت غزوان بعدما كنت أجيرا لها بطعام بطنى
    * حلية الأولياء لأبى نعيم الأصبهانى 1 : 384
    أما المثير فى تلك المقالة هى أنه يجاهر بمخالفته أمر رسول الله الذى حرم الحرير على الرجال من أمته !

    - أصبح أبو هريرة غريب الأطوار و يأتى بتصرفات شاذة بعدما ولاه معاوية أمارة المدينة . يروي أبن كثير :
    كان يركب الحمار و يلقى الرجل فيقول : الطريق قد جاء الأمير . و كان يمر على الصبيان و هم يلعبون و هو أمير المدينة فلا يشعرون الا و قد ألقى نفسه بينهم و يضرب برجليه كأنه مجنون يريد بذلك ان يضحكهم فيفزع منه الصبيان و يفرون
    * البداية و النهاية لأبن كثير 5 : 615

    - ولى معاوية بن أبى سفيان مروان بن الحكم ( أبن عم أبيه ) واليا على المدينة خلفا لأبى هريرة فلجأ الى حيلة يدعم بها مصداقية أبو هريرة حليف الأمويين المطيع اذ أن المهاجرون و الأنصار قد أخذوا بالطعن فيه و تكذيبه و يقولون : ما للمهاجرين و الأنصار لا يحدثون مثل أحاديثه ؟
    و كانت الحيلة أن أوعز مروان بن الحكم الى كاتبه و أسمه أبو الزعيزعة أن يروى للناس تلك الحكاية :
    أن مروان دعا أبو هريرة و أقعده خلف السرير و جعل مروان يسأل و جعلت أكتب عنه حتى اذا كان عند رأس الحول ( أى بعد عام ) دعا به و أقعده من وراء الحجاب فجعل يسأله عن ذلك الكتاب فما زاد و لا نقص و لا قدم و لا أخر
    * البداية و النهاية لأبن كثير 5 : 606
    و طبعا تلك الرواية ليست دليل على صدق أبو هريرة فيما نسبه الى رسول الله و ان كانت حدثت فهى ليست الا دليل على قوة ذاكرته فحسب . فاذا قلت لك أن رسول الله قال أن النبى موسى ضرب الملاك عزرائيل على عينه ففقأها ثم جئت بعد عام كامل أو حتى عشرة أعوام و كررت لك تلك الرواية بحذافيرها و بنفس كلماتها ..فهل هذا دليل أن رسول الله فعلا قد قال تلك الرواية ؟!

    وفـــــاة أبــــو هــــريــــرة :

    توفى أبو هريرة سنة 59 هـ فى قصره بالعقيق فحمل للمدينة ليدفن فى البقيع و صلى عليه الوليد بن عتبة بن أبى سفيان و حمل نعشه أبناء عثمان بن عفان و كتب معاوية بن أبى سفيان لوالى المدينة :
    أنظر ورثته فأحسن اليهم و أصرف لهم لهم عشرة آلاف درهم فأنه كان ممن نصر عثمان
    * البداية و النهاية لأبن كثير 5 : 616

    و يذكر محمد بن سعد فى ( الطبقات الكبرى ) ج 3: 240 عن وفاته :
    بكى أبو هريرة فى مرضه فقيل له : ما يبكيك يا أبا هريرة ؟ .قال :
    أما إنى لا أبكى على دنياكم و لكنى أبكى لبعد سفرى و قلة زادى أصبحت فى صعود مهبطة على جنة و نار فلا أدرى إلى أيهما يسلك بى

    و لايزال التاريخ يعيد نفسه فكم من معدم جاهل تقرب للحكام و خدم حزبهم فأصبح سيدا مطاعا و نال شبعا بعد جوع.

    ثانيا : أبو هريرة ..و دوره فى خدمة الفئة الباغية فى صراعها ضد الإمام علي :

    بدء تحزب أبو هريرة لمعاوية بن أبى سفيان مبكرا . فبمجرد مبايعة المهاجرون و الأنصار الإمام علي بالخلافة أمتنع عن بيعته و لجأ الى معاوية بن أبى سفيان .
    جند أبو هريرة نفسه لسيده معاوية فأرسله معاوية مع النعمان بن بشير الى أمير المؤمنين علي رسلا منه و ممثلين عنه ليطالبوا الإمام علي بثأر عثمان فقال أبو هريرة :
    يا أبا الحسن إن الله قد جعل لك فى الإسلام فضلا و شرفا أنت أبن عم رسول الله و قد بعثنا إليك أبن عمك معاوية يسألك أمرا تسكن به هذه الحرب و يصلح الله ذات البين أن تدفع إليه قتلة عثمان أبن عمه فيقتلهم به و يجمع الله أمرك و أمره .
    و تكلم النعمان بن بشير الأنصارى بمثله . فقال الإمام علي للنعمان متجاهلا أبو هريرة : حدثنى عنك يا نعمان . أنت أهدى قومك سبيلا ؟ . قال : لا . فقال الإمام علي : فكل قومك أتبعنى إلا شذاذا ثلاثة أو أربعة أفتكون من الشذاذ ؟
    * نهج البلاغة - شرح أبن أبى الحديد المعتزلى 2: 301

    و يروي الإمام سفيان الثوري ( 97 -161 هـ ) :
    لما قدم أبو هريرة الكوفة مع معاوية كان يجلس بباب كندة و يجلس الناس اليه فجاءه شاب من الكوفة فجلس اليه فقال : يا أبا هريرة أنشدك بالله أسمعت رسول الله يقول لعلي بن أبى طالب اللهم وال من والاه و عاد من عاداه ؟
    فقال أبو هريرة : اللهم نعم
    فقال : فأشهد بالله لقد واليت عدوه و عاديت وليه ..ثم قام عنه و أنصرف

    و يروي شيخ المعتزلة أبو جعفر محمد بن عبد الله بن جعفر بن أبى طالب المعروف بالأسكافى ( المتوفى 240 هـ ) :
    ان معاوية وضع قوما من الصحابة و التابعين على رواية أخبار قبيحة فى علي تقتضي الطعن فيه و جعل لهم على ذلك جعلا يرغب في مثله فأختلقوا ما أرضاه منهم أبو هريرة و عمرو بن العاص و المغيرة بن شعبة و من التابعين عروة بن الزبير
    و يروى أيضا :
    لما قدم أبو هريرة العراق مع معاوية عام الجماعة جاء الى مسجد الكوفة فلما رأى كثرة من أستقبله من الناس جثا على ركبته ثم ضرب صلعته و قال :
    يا أهل العراق أتزعمون أنى أكذب على الله و رسوله و أحرق نفسى بالنار ؟ و الله لقد سمعت رسول الله يقول ان المدينة حرمى فمن أحدث فيها حدثا فعليه لعنة الله و الملائكة جميعا و أشهد بالله أن عليا أحدث فيها .
    فلما بلغ معاوية قوله أجازه وأكرمه و ولاه أمارة المدينة
    * نهج البلاغة - شرح أبن أبى الحديد المعتزلى 4 : 63-68

    و روى سليمان بن مهران الأعمش :
    عن التابعى أبى صالح الخوزى و أبى رزين لقيط بن عامر عن أبى هريرة عن النبي قال : من أحدث حدثا أو آوى محدثا م ذكر الحديث و ذكر في آخره كلاما لأبى هريرة فى علي و كلاما لعلي فى أبى هريرة . فحدث الأعمش بهذا الحديث و عنده المغيرة بن سعيد فلما بلغ قول أبي هريرة في علي قال : كذب أبو هريرة . فلما بلغ قول علي فى أبى هريرة قال : صدق علي . فقال الأعمش : صدق علي و كذب أبو هريرة
    * ضعفاء العقيلى 4 : 179 لأبى جعفر محمد بن عمر العقيلى ( المتوفى 322 هـ )

    أما المثير هو ما يذكره سعيد بن المسيب ( 15-93 هـ ) زوج أبنة أبى هريرة :
    كان أبو هريرة إذا أعطاه معاوية سكت و إذا أمسك عنه تكلّم .
    * سير أعلام النبلاء للذهبى 2 : 615
    و يبقى لنا أن نسأل :
    ما هو ذلك الأمر الذى كان معاوية يبذل لأبى هريرة من أجله المال كى يكتمه ؟

    و من الممكن مقارنة نموذج ( جوبلز ) وزير دعاية الرايخ الثالث عهد أدولف هتلر بنموذج ( أبو هريرة ) بوق دعاية الفئة الباغية فى عهد معاوية بن أبى سفيان . فقد أتقن أبو هريرة فن الدعاية للأمويين و خدمهم خدمات جليلة لتثبيت مملكتهم .
    و لتسويق أسياده من الفئة الباغية التى صار أحد أعلامها بتوليه إمارة المدينة من قبل بسر بن أرطأة قائد معاوية بن أبى سفيان أخذ أبو هريرة يبث بين المسلمين ما يفشى فيهم الخمول و القبول بأئمة الجور و الظلم . و من ذلك المثال الآتى :
    عن العلاء بن الحارث الدمشقى ( المتوفى 136 هـ )عن أبى عبد الله مكحول الشامى ( المتوفى 113 هـ ) عن أبى هريرة أن رسول الله قال :
    الجهاد واجب عليكم مع كل أمير برا كان أو فاجرا . و الصلاة واجبة عليكم خلف كل مسلم برا كان أو فاجرا و إن عمل الكبائر . و الصلاة واجبة على كل مسلم برا كان أو فاجرا وإن عمل الكبائر
    * سنن أبى داود – كتاب الجهاد – باب فى الغزو مع أئمة الجور
    * السنن الصغرى و السنن الكبرى للبيهقى و سنن الدارقطنى

    و المعروف أن الجهاد ينطوى على التصرف في الاَنفس و الاَعراض . فكيف يجب مع أمير فاجر إذ ربما يدعو إلى الفساد و العصيان و قتل الاَبرياء و هتك الاَعراض وغصب الاَموال ؟
    و الرواية واضحة جدا و أبو هريرة أنما رواها كأداة من أدوات السياسة التي تبغي من وراء ذلك إضفاء المشروعية على الجهاد تحت لواء أسياده من الطلقاء و أبناء البيت الاَموى

    و أخذ أبو هريرة يدعو الناس للأستكانة و طاعة أسياده من بنى أمية رابطا بين طاعة الله و رسوله و بين طاعتهم قائلا أن النبي قال :
    من أطاعنى فقد أطاع الله و من أطاع الأمير فقد أطاعني . و من يعصني فقد عصى الله و من يعص الأمير فقد عصانى
    * مسند أحمد – باقى مسند المكثرين و صحيح مسلم – كتاب الإمارة
    * صحيح البخاري - باب يقاتل من وراء الإمام ويتقي به
    * صحيح مسلم - باب وجوب طاعة الأمراء معصية وتحريمها في المعصية

    و ذهب أبو هريرة لشوط أبعد فكان يبث بين الناس مقالته أن يتمسكوا بحكم معاوية :
    تمسكوا بصدغى معاوية
    * البداية و النهاية لأبن كثير 4 : 638
    * الأصابة فى تميز الصحابة 7 : 443

    لقد أظهر أبو هريرة للمسلمين فى زمانه بأنه أكثر الرواة صلة برسول الله و أدى أسرافه فى الرواية عن رسول الله إلى تسرب الشك عند المسلمين فى صحة ما يرويه . و قد أسرف أبو هريرة فى الرواية عنه من الناحية الكمية و النوعية . و نلاحظ من الناحية النوعية أن رواياته تضمنت :
    - مخاطبة الرعايا المسلمين دون حكامهم و حثهم على طاعة الحكام
    - رواية أحاديث تتعلق بأمور ثانوية تافهة بعيدة عن جوهر الدين و ضعيفة الصلة بحياة المسلمين العامة و الخاصة


  • #2

    تعليق


    • #3
      مصداقية أبو هريرة على مر العصور

      لعل أبو هريرة هو أشهر متهم على مر العصور . و سنستعرض الأتهامات التى كيلت لأبى هريرة إما بلمزه أو أنتقاصه أو متهمة إياه بالكذب. و يمكن تصنيف المتهمين لأبى هريرة على ممر العصور :
      - الصحابة و التابعين
      - أم المؤمنين عائشة بنت أبى بكر الصديق
      - الأئمة و الفقهاء و العلماء
      - العلماء المعاصرون

      أولا : الصحابة و التابعين ....و أبو هريرة :

      أتهم العديد من الصحابة و التابعين أبو هريرة و أنتقصوه . و ترينا النماذج الآتية أن أتهام أبو هريرة بالكذب أمرا كان شائعا فى منذ فجر الإسلام :

      1- حصر العلامة عبد الله بن مسلم بن قتيبة ( 213- 276 هـ ) صاحب التصانيف العديدة و قاضى الدينور فى كتابه ( تأويل مختلف الأحاديث 1 : 22 ) نماذج لتكذيب أم المؤمنين عائشة و الإمام علي عليه السلام لأبى هريرة و تعمدهم مخالفة ما يرويه من أحاديث ينسبها لرسول الله ليكون تكذيبهم له عمليا . فذكر :
      و ذكر أبا هريرة فقال أكذبه عمر و عثمان و علي و عائشة رضوان الله عليهم .
      و روى حديثا في المشي في الخف الواحد فبلغ عائشة فمشت في خف واحد و قالت لأخالفن أبا هريرة . و روى أن الكلب و المرأة و الحمار تقطع الصلاة فقالت عائشة رضي الله عنها ربما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وسط السرير و أنا على السرير معترضة بينه وبين القبلة .
      و بلغ عليا أن أبا هريرة يبتدئ بميامنه في الوضوء و في اللباس فدعا بماء فتوضأ فبدأ بمياسره و قال لأخالفن أبا هريرة . وكان من قوله حدثني خليلي وقال خليلي ورأيت خليلي فقال له علي متى كان النبي خليلك يا أبا هريرة .
      قال و قد روى من أصبح جنبا فلا صيام له فأرسل مروان في ذلك إلى عائشة وحفصة يسألهما فقالتا كان النبي صلى الله عليه وسلم يصبح جنبا احتلام ثم يصوم فقال للرسول اذهب إلى أبي هريرة حتى تعلمه فقال أبو هريرة إنما حدثني بذلك الفضل بن العباس فاستشهد ميتا وأوهم الناس أنه سمع الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يسمعه

      2-و أرتاب فيه سائر الصحابة الذين كانوا يرونه مجنونا متسولا كما شهد هو بذلك عن نفسه .
      حدثنا سليمان بن حرب الأزدى ( المتوفى 224 هـ ) حدثنا حماد بن زيد الأزدى ( المتوفى 179 هـ ) عن أيوب بن بى تميمة ( المتوفى 131 هـ ) عن محمد بن سيرين ( المتوفى 110 هـ ) عن أبى هريرة :
      رأيتني لأخر فيما بين المنبر و حجرة عائشة مغشيا على فيجئ الجائى فيضع رجله على عنقي و يرى أنى مجنون و ما بى جنون الا الجوع
      * صحيح البخاري - كتاب الأعتصام بالكتاب و السنة - حديث 7324

      و البديهى أن الأنسان الطبيعى مهما أجهده الجوع لا يأتى بتصرفات يراها الآخرون جنونا !! .
      و طبعا نحن نعلم أنه لما حوصر المسلمون الأوائل فى شعب أبي طالب و أجهدهم الجوع لم نرى أحدا كان يراه الآخرون مجنونا !!
      و لنتخيل إن كان الجوع يجعل صاحبه يبدو كالمجنون فماذا سيكون حال الناس فى رمضان !

      و الجدير بالذكر أن أبا هريرة حتى بعد أن أنعم عليه الأمويين و ولوه أمارة المدينة كان أيضا يأتى بحركات يوصف فاعلها بأنه كالمجنون :
      كان يركب الحمار و يلقى الرجل فيقول : الطريق قد جاء الأمير . و كان يمر على الصبيان و هم يلعبون و هو أمير المدينة فلا يشعرون الا و قد ألقى نفسه بينهم و يضرب برجليه كأنه مجنون يريد بذلك ان يضحكهم فيفزع منه الصبيان و يفرون
      * البداية و النهاية لأبن كثير 5 : 615
      فإذا جاع يأتى بحركات يراه الناس كأنه مجنون . و إذا مر على الصبيان يأتى بحركات يراه الناس كأنه مجنون

      و يروى أبو هريرة كان كان يجلس لتسول الطعام معترضا طريق الصحابة :
      أبو نعيم الفضل بن دكين التيمي ( المتوفى 218 هـ ) عن عمر بن ذر الهمداني ( المتوفى 153 هـ ) عن مجاهد بن جبر المخزومي ( المتوفى 102 هـ ) أن أبا هريرة قال :
      و الله الذى لا آله الا هو أنى كنت لأعتمد بكبدى على الأرض من الجوع و لقد قعدت يوما على طريقهم الذى يخرجون منه فمر أبو بكر فسألته عن آية من كتاب الله ما سألته الا ليشبعنى فمر و لم يفعل ثم مر عمر فسألته عن آية من كتاب الله ما سألته الا ليشبعنى فمر و لم يفعل ثم مر بى أبو القاسم فتبسم حين رآنى و عرف ما فى نفسى ثم قال : أبا هر قلت : لبيك يا رسول الله قال : ألحق . فتبعته ...
      إلى آخر الحكاية الطويلة التى سنأتى لها لاحقا إن شاء الله
      * صحيح البخارى - كتاب الرقاق - باب كيف كان عيش النبى و أصحابه - حديث 6452

      و يقر أبو هريرة فى موضع آخر بأن أحاديثه كانت تثير الشبهات . فيقول :
      موسى بن إسماعيل ( المتوفى 223 هـ ) عن إبراهيم بن سعد الزهري ( المتوفى 185 هـ ) عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ( المتوفى 124 هـ ) عن الأعرج عبد الرحمن بن هرمز ( المتوفى 117 هـ ) عن أبي هريرة
      يقولون أن أبو هريرة يكثر الحديث و الله الموعد و يقولون ما للمهاجرين و الأنصار لا يحدثون مثل أحاديثه
      * صحيح البخاري - كتاب المزارعة - حديث 2350

      و يعترف أبو هريرة أن من المسلمين فريقا أتهموه صراحة بأنه يكذب على رسول الله .
      أبو بكر بن أبي شيبة ( المتوفى 235 هـ ) و أبو كريب محمد بن العلاء الهمدانى ( المتوفى 248 هـ ) عن عبد الله بن إدريس الأودي ( المتوفى 192 هـ ) عن سليمان بن مهران الأعمش ( المتوفى 147 هـ ) عن أبي رزين مسعود بن مالك الأسدي ( المتوفى 85 هـ ) قال :
      خرج إلينا أبو هريرة فضرب بيده على جبهته فقال ألا إنكم تحدثون أني أكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم لتهتدوا وأضل . ألا وإني أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا انقطع شسع أحدكم فلا يمش في الأخرى حتى يصلحها
      * صحيح مسلم – كتاب اللباس و الزينة - باب أستحباب لبس النعل فى اليمنى

      و كان أهل العراق أيضا كانوا يرونه كذابا :
      حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ( المتوفى 235 هـ ) حدثنا أبو معاوية محمد بن خازم التميمى ( المتوفى 195 هـ ) عن سليمان بن مهران الأعمش ( المتوفى 147 هـ ) عن أبي رزين مسعود بن مالك الأسدي ( المتوفى 85 هـ ) قال :
      رأيت أبا هريرة يضرب جبهته بيده و يقول يا أهل العراق أنتم تزعمون أني أكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكون لكم المهنأ وعلي الإثم . أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات
      * سنن أبن ماجة – كتاب الطهارة و سننها

      و يذكر علي بن محمد الآمدى (551- 631 هـ ) فى كتابه ( الإحكام 2 :87 ) أن صحابة رسول الله كانوا ينكرون كثرة أحاديثه :
      إن غلب السهو على الذكر أو تعادلا فالراوي عدل و الظاهر منه أنه لا يروي إلا ما يثق من نفسه بذكره له و ضبطه و لهذا فإن الصحابة أنكرت على أبي هريرة كثرة روايته .

      3-كذلك عنفه الخليفة عمر بن الخطاب و هدده بالنفى و قال له :
      - لتتركن الحديث عن رسول الله و الا ألحقتك بأرض دوس . و قال لكعب الأحبار : لتتركن الحديث عن الأول ( يقصد أبو هريرة ) و الا ألحقتك بأرض القردة
      * البداية و النهاية لأبن كثير 5 : 607 و608

      علق الشيخ محمود ابو رية ( 1898 – 1970 ) رحمه الله فى كتابه ( أبو هريرة شيخ المضيرة ص 105 ) بعد أن نقل انكار الخليفة عمر على كثرة روايات أبي هريرة :
      ذلك أن عمر لو كان يعلم أن أبا هريرة من الصفوة الممتازين منهم ، وأنه كان يلازم النبي صلى الله عليه وآله و يصحبه في غدوه ورواحه ، و لم يفارقه لا في سفر و لا حضر من يوم أن أسلم كما زعم هو وأنصاره ، و أنه قد أتيح له أن يسمع كل ما ينطق به النبي صلى الله عليه وآله و يضبطه و يحفظه و لا يفوته شئ منه – و أنه وحده قد ظفر بنفحات نبوية ملأ بها ثوبه و أجربته لم يظفر بمثلها أحد غيره من الصحابة حتى صارت رواياته بذلك كلها وثيقة ، وأحاديثه متواترة صحيحة ، وأنه مع ذلك من أهل الفقه و البصر بالدين الذين كانوا في عهد النبي وأبى بكر قبله من المفتين الذين يؤخذ برأيهم ، ويصغى إلى أقوالهم !
      لو كان عمر يعلم ذلك كله - وأنه قد بلغ هذه المنزلة التى لم يبلغها أحد سواه من الصحابة جميعا - لاباح له الرواية ، ولرضى عنها - بل لكان أولى الناس بأن يتخذه مرجعا علميا ، يرجع إليه فيما يغيب عنه معرفته ، أو يشك فيه من أحاديث الرسول ،
      فكان - على سبيل المثال - يرجع إليه في حديث الطاعون الذى حيره !
      أو يسأله عن حديث فاطمة بنت قيس وحديث الاستئذان الذى سأل عنه أبا موسى الاشعري ،
      وغير ذلك من الاحاديث التى كان يشك فيها - وهذا أمر يقع كل يوم ،
      وعلى سبيل المثال كذلك - أين كان أبو هريرة عندما استبهم أمر ميراث الجدة على أبى بكر وأخذ يسأل الناس عنه !
      و أين و أين - ولكن من يفهم !

      4-كذلك أتهمه الزبير بن العوام أبن عمة رسول الله بأنه يضع أحاديث رسول الله فى غير مواضعها فيروى أبنه عروة بن الزبير :
      قال لى أبي : أدنني من هذا اليماني فأنه يكثر الحديث عن رسول الله .
      فجعل أبو هريرة يحدث و الزبير يقول : صدق كذب .
      فقلت : يا أبى ما قولك صدق كذب ؟
      قال : يا بنى أما أن يكون سمع هذه الأحاديث فلا أشك و لكن منها ما وضعه على غير مواضعه
      * البداية و النهاية لأبن كثير 5 : 609

      5-أما أخواننا المعتزلة فقد نقلوا عن الإمام علي عليه السلام تكذيبه لأبى هريرة :
      يروى أبو حامد عز الدين أبن أبى الحديد المدائنى أن الإمام علي قال عنه :
      ألا أن أكذب الأحياء على رسول الله أبو هريرة الدوسى
      * نهج البلاغة - شرح أبن أبى الحديد المعتزلي 4 : 68
      و للحقيقة أنا مجرد أنقل تلك الرواية ملتمسا من الأخوة المشاركة فى التحقق من مصداقيتها

      ثانيا : أم المؤمنين عائشة بنت أبى بكر الصديق ....و أبو هريرة :

      كانت أم المؤمنين عائشة بنت أبى بكر الصديق من أشد المنكرين لأبى هريرة و دائما ما تتحفز لترد عليه حكاياته :
      1- فقد دعت السيدة عائشة بنت أبى بكر يوما أبو هريرة اذ بلغها كثرة أحاديثه و قالت له : متى سمعت رسول الله يقول ذلك ؟
      فقال لها : لقد شغلك عن حديث رسول الله المرآة و المكحلة
      * البداية و النهاية لأبن كثير 5 : 608
      و فى رواية آخرى قالت له :
      أنك لتحدث عن النبى حديثا ما سمعته فقال لها : يا أمة . طلبتها و شغلك عنها المرآة و المكحلة و ما كان يشغلنى عنها شيئا
      * الطبقات الكبرى لأبن سعد 2 :24

      2- هارون بن معروف المروزى ( المتوفى 231 هـ ) عن سفيان بن عيينة الهلالى ( المتوفى 198 هـ ) عن هشام بن عروة ( المتوفى 145 هـ ) عن أبيه عروة بن الزبير بن العوام قال :
      كان أبو هريرة يحدث و يقول : اسمعي يا ربة الحجرة اسمعي يا ربة الحجرة .و عائشة تصلي فلما قضت صلاتها قالت لعروة : ألا تسمع إلى هذا و مقالته آنفا إنما كان النبي صلى الله عليه وسلم يحدث حديثا لو عده العاد لأحصاه
      * صحيح مسلم – كتاب الزهد و الرقائق – باب التثبت فى الحديث و حكم كتابة العلم
      و كما نرى فإن مسلم يعنون الباب التثبت فى الحديث و ليس التريث فى الحديث ! و يلاحظ أنها تشير إليه ( بهذا ) !

      3- حرملة بن يحيى التجيبي ( المتوفى 244 هـ ) عن عبد الله بن وهب ( المتوفى 197 هـ ) عن يونس بن يزيد الأيلي ( المتوفى 159 هـ ) عن محمد بن مسلم بن شهاب أن عروة بن الزبير حدثه أن عائشة قالت :
      ألا يعجبك أبو هريرة جاء فجلس إلى جنب حجرتي يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم يسمعني ذلك وكنت أسبح فقام قبل أن أقضي سبحتي ولو أدركته لرددت عليه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يسرد الحديث كسردكم
      * صحيح مسلم - كتاب فضائل الصحابة - باب فضائل أبى هريرة !

      و أخذت السيدة عائشة بنت أبى بكر على عاتقها تكذيب أو رد روايات أبو هريرة فى عدة مواقف . و لها مواقف أنتقصت فيها عن أبى هريرة تشير إليه بقولها مثلا ( أنظر كيف تحدث ) أو ( أساء سمعا فأساء إجابة ) أو ( لم يحفظ )
      و إليك بعض النماذج :
      1- يذكر العلامة عبد الله بن مسلم بن قتيبة ( 213 – 276 هـ ) فى كتابه (تأويل مختلف الأحاديث 1 : 105 ) :
      دخل يوما رجلان على عائشة فقالا لها ان أبو هريرة يحدث عن رسول الله أنه قال : إنما الطيرة فى المرأة و الدابة . فقالت السيدة عائشة : كذب و الذي أنزل القرآن على أبى القاسم من حدث بهذا عن رسول الله . أنما قال رسول الله كان أهل الجاهلية يقولون ذلك .
      و فى ( ج 1 : 22 ) نجد أن أبو هريرة روى حديثا عن النبى فى النهى عن المشى فى الخف الواحد فبلغ ذلك السيدة عائشة فمشت فى خف واحد وقالت : لأخالفن أبا هريرة .
      و يلاحظ أن أم المؤمنين عائشة طبعا لم تقل ( لأخالفن قول النبي ) بل ( لأخالفن أبا هريرة ) . فلو كانت تصدق أبو هريرة صادقا فعلا فى نسب الحديث للنبي لما خالفته عامدة متعمدة .

      2- سليمان بن داود الطيالسي ( المتوفى 204 هـ ) عن أبى عامر صالح بن رستم الخزاز ( المتوفى 152 هـ ) عن سيار بن أبى سيار العنزى ( المتوفى 122 هـ ) عن عامر بن شراحيل الشعبي ( المتوفى 104 هـ ) عن علقمة بن قيس النخعى ( المتوفى 62 هـ ) قال :
      كنا عند عائشة فدخل أبو هريرة فقالت أنت الذي تحدث أن امرأة عذبت في هرة لها ربطتها فلم تطعمها و لم تسقها . فقال : سمعته منه . ( يعني النبي صلى الله عليه وسلم ) . فقالت : هل تدري ما كانت المرأة إن المرأة مع ما فعلت كانت كافرة و إن المؤمن أكرم على الله عز وجل من أن يعذبه في هرة فإذا حدثت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فانظر كيف تحدث
      * مسند أحمد بن حنبل - باقى مسند المكثرين

      3- عن محمد بن عبد الله الحافظ عن أبو بكر أحمد بن إسحاق عن محمد بن غالب عن الحسن بن عمر بن شقيق الجرمي ( المتوفى 232 هـ ) عن سلمة بن الفضل الأنصاري عن محمد بن إسحاق ( المتوفى 150 هـ ) عن محمد بن مسلم الزهري ( المتوفى 124 هـ ) عن عروة بن الزبير بن العوام قال :
      بلغ عائشة رضي الله عنها أن أبا هريرة رضي الله عنه يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثم : لأن أمتع بسوط في سبيل الله أحب إلي من أن أعتق ولد الزنا . و إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ولد الزنا شر الثلاثة إن الميت يعذب ببكاء الحي . فقالت عائشة رضي الله عنها : رحم الله أبا هريرة أساء سمعا فأساء إجابة لأن أمتع بسوط في سبيل الله أحب إلي من أن أعتق ولد الزنا أنها لما نزلت فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقب فك رقبة قيل يا رسول الله : ما عندنا ما نعتق إلا أن أحدنا له الجارية السوداء تخدمه و تسعى عليه فلو أمرناهن فزنين فجئن بأولاد فأعتقناهم فقال ( القول المشار إليه )
      * سنن البيهقى - كتاب العتق و كتاب الإيمان

      ثالثا : الأئمة و العلماء و الفقهاء :

      أختلفت الآراء حول أبو هريرة فنجد منهم فريقا زكاه و فريق أنتقصه :
      1- قال الإمام محمد بن أدريس الشافعي : أبو هريرة رضي الله عنه أحفظ من روى الحديث في دهره .
      2- قال محمد بن أسماعيل البخاري : روى عنه نحو ثمانمائة من أهل العلم ، وكان أحفظ من روى الحديث في عصره .
      3- شمس الدين الذهبي : الإمام الفقيه المجتهد الحافظ ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أبو هريرة رضي الله عنه الدوسي اليماني ، سيد الحفاظ الأثبات .

      و على الجانب الآخر أنتقصه العديد :

      1- الإمام أبو حنيفة النعمان ( 80- 150 هـ ) :
      قال الإمام أبو حنيفة : أقلد جميع الصحابة و لا أستجيز خلافهم برأى إلا ثلاثة نفر . أنس بن مالك و أبو هريرة و سمرة بن جندب . فقيل له فى ذلك . قال : أما أبو هريرة فكان يروى كل ما سمع من غير أن يتأمل فى المعنى و من غير أن يعرف الناسخ و المنسوخ
      * مختصر المؤمل فى الرد إلى الأمر الأول - لأبى شامة المقدسى 1 : 63

      أما من أخواننا المعتزلة فقد ذكر أبو حامد عز الدين أبن أبى الحديد المدائنى فى شرح نهج البلاغة ج4 : 68
      أن أبو يوسف الأنصاري سأل أستاذه الإمام أبو حنيفة النعمان : الخبر يجئ عن رسول الله يخالف قياسنا ما تصنع به ؟
      قال أبو حنيفة النعمان : اذا جاءت به الثقات عملنا به و تركنا الرأى
      فلما رآنى أعد الصحابة قال : الصحابة كلهم عدول ما عدا رجالا ثم عد منهم أبو هريرة و أنس بن مالك

      2- أبو عمران إبراهيم بن يزيد النخعي ( المتوفى 95 هـ ) و أهل العراق الكوفيين :
      عن شريك عن مغيرة أنه قال : كان أصحابنا يدعون من حديث أبى هريرة
      و عن سليمان بن مهران الأعمش أنه قال : ما كانوا يأخذون بكل حديث أبى هريرة
      و عن سفيان الثوري ( 97 – 161 هـ ) عن منصور أنه قال : كانوا يرون فى أحاديث أبى هريرة شيئا و ما كانوا يأخذون بكل حديث أبى هررة إلا ما كان من حديث جنة أو نار أو حث على عمل صالح أو نهى عن شر جاء القرآن به .
      * البداية و النهاية لأبن كثير 5 : 610
      و قد أنتصر أبو القاسم علي بن عساكر ( المتوفى 571 هـ ) لأبى هريرة و رد قول أبراهيم النخعي بأن مقالته مقالة طائفة من الكوفيين و الجمهور على خلافهم .
      و طبعا دفاع أبن عساكر عن أبى هريرة أيضا مردود عليه بأعتراف أبو هريرة نفسه الذى أقر أن أهل العراق كانوا يتهمونه بالكذب صراحة فكان أبو هريرة يضرب جبهته بيده و يقول يا أهل العراق أنتم تزعمون أني أكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكون لكم المهنأ وعلي الإثم

      3- شعبة بن الحجاج بن الورد المكى ( 82 - 160 هـ ) :
      إمام أئمة علم الحديث و أول من جرح و عدل . كان سفيان الثوري يخضع له ويجله و يقول : شعبة أمير المؤمنين في الحديث . و قال عنه الإمام الشافعى : لولا شعبة لما عرف الحديث بالعراق .و قال عنه أبو عبد الله الحاكم النيسابورى : شعبة إمام الأئمة بالبصرة في معرف الحديث . رأى من معاصرى النبى أنس بن مالك وعمرو بن سلمة الجرمى و سمع من 400 شيخ من التابعين و قال أبو داود الطيالسى : سمعت من شعبة 7000 حديث
      قال شعبة عن أبى هريرة :
      أبو هريرة كان يدلس - أى يروي ما سمعه من كعب الأحبار و ما سمعه من رسول الله و لا يميز هذا من هذا – رواه أبن عساكر .
      * البداية و النهاية لأبن كثير 5 : 610

      و قد حاول بعض المتحذلقين ألصاق شرح مقصود التدليس فى الرواية بأن أبو هريرة لا يميز كلام رسول الله من كلام اليهودي كعب إلى علي بن عساكر لا شعبة بن الحجاج .. رغم أن أبن عساكر كان من المنتصرين لأبى هريرة !! .
      و كما نرى فالمشكلة ليست عساكر أم شعبة فما أهمية القائل بينما المشكلة فى أصل المصيبة التى لا ينفيها المتحذلقون بأن أبو هريرة فعلا يخلط كلام اليهود بكلام خاتم النبيين !

      4- أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة ( 213- 276 هـ ) . يذكر فى كتابه ( تأويل مختلف الأحاديث 1 :38 ) :
      وأما طعنه على أبي هريرة بتكذيب عمر وعثمان وعلي وعائشة له فإن أبا هريرة صحب رسول الله نحوا من ثلاث سنين وأكثر الرواية عنه فلما أتى من الرواية عنه ما لم يأت بمثله من صحبه من جلة أصحابه والسابقين الأولين إليه أتهموه وأنكروا عليه و قالوا : كيف سمعت هذا وحدك ومن سمعه معك
      و يقول أبن قتيبة فى موضع آخر ( 1 : 10 ) :
      و من عجيب شأنهم أنهم ينسبون الشيخ إلى الكذب و لا يكتبون عنه ما يوافقه عليه المحدثون بقدح يحيى بن معين و علي بن المدينى . و يحتجون بحديث أبى هريرة فيما لا يوافقه عليه أحد من الصحابة و قد أكذبه عمر و علي و عثمان و عائشة .

      أما عن أخواننا المعتزلة :
      5- شيخ المعتزلة أبو جعفر محمد بن عبد الله بن جعفر بن أبى طالب البغدادي المعروف بالأسكافى ( المتوفى 240 هـ ) . و تنسب إليه الإسكافية و له مناظرات مع الكرابيسي وغيره . قال عنه محمد بن أسحق أبن النديم ( المتوفى 385 هـ ) كان عجيب الشان في العلم و الذكاء و الصيانة و نبل الهمة والنزاهة بلغ في مقدار عمره ما لم يبلغه أحد وكان المعتصم يعظمه جدا . قال :
      أبو هريرة مدخول عند شيوخنا غير مرضى الرواية
      * نهج البلاغة - شرح أبن أبى الحديد المعتزلى 4 : 67

      رابعا : الباحثون المعاصرون :

      1- الشيخ محمود أبو رية ( 1889-1970 ) رحمه الله صاحب التصانيف القيمة ( صيحة جمال الدين الأفغاني ) و ( رسائل الرافعي ) و ( دين الله واحد ) و ( قصة الحديث المحمدي ) وغيرها . صنف كتابيه القيمين :
      - أبو هريرة شيخ المضيرة . و أخص به تسليط الضوء على أبى هريرة
      - أضواء على السنة المحمدية . و تناول فيه حالة أبو هريرة ص 167 – 196
      يذكر الشيخ محمود أبو رية فى كتابه ( أضواء على السنة المحمدية ص 180) عن علاقة أبو هريرة باليهودي كعب الأحبار :
      و يبدو أن أبا هريرة كان أكثر الصحابة أنخداعا به و ثقة فيه و رواية عنه و عن اخوانه كما كان أكثرهم رواية للحديث و يتبين من الأستقراء أن كعب الأحبار قد سلط قوة دهائه على سذاجة أبو هريرة لكى يستحوذ عليه و ينيمه ليلقنه كل ما يريد أن يبثه فى الدين الأسلامى من خرافات و أوهام

      2- الشيخ محمد رشيد رضا ( 1865-1935 ) :
      تلميذ الإمام مفتى مصرمحمد عبده ( 1847-1905 ) . أسس مجلة ( المنار ) سنة 1896 . و صاحب تفسير المنار فى 12 مجلد . و له من المؤلفات كتاب ( الوحى المحمدى )
      يذكر فى المنار ج 10 : 851 :
      لو طال عمر عمر حتى مات أبو هريرة لما وصلت إلينا تلك الأحاديث الكثيرة .
      و يذكر فى ج 19 : 101 :
      و لو أحصينا ما أنفرد بروايته أبو هريرة وحده من أحاديث الأحكام لرأيناه قليلا جدا و علمنا أنه لو لم يروه لما نقصت كتب الأحكام شيئا كثيرا ..

      3- مصطفى صادق الرافعى فى كتاب (تاريخ آداب العرب 1 : 282 ) ذكر أتهام السلف لأبى هريرة :
      و قد صحب ثلاث سنين و لهذا كان عمر و علي و عائشة ينكرون عليه و يتهمونه و هو أول راوية أتهم فى الأسلام و كانت عائشة أشدهم أنكارا

      أبــو هريـرة يـستجـدي روايـات لـرفـع شـأنـه

      بقى أمرا مثيرا أعتقد أنه من المفيد أن نطرحه . فعندما ينبرى أحدا ما للذب عن أبى هريرة كثيرا ما نجده يسوق روايات فى فضائل أبو هريرة قد تبهر المستمعين . فكان لزاما فحص روايات تلك الفضائل و الكرامات كروايات أن حبه من علامات الإيمان و أنه مشى على الماء و تجاذب أطراف الحديث مع الشيطان ..... فكان المثير أن أبا هريرة لم يبخل على نفسه فى الرواية فروى عن نفسه روايات قصد منها أعلاء شأنه فزادتنا شكا فيه ... و منها :

      1-أبو هـريرة يـمـشـى عـلى الـمـاء :
      ذكر أحمد بن علي بن حجر العسقلانى ( 773 – 852 هـ ) فى كتابه ( الأصابة فى تميز الصحابة 2 : 498 ) .خرج أبو هريرة مع العلاء بن الحضرمي رضى الله عنه إلى البحرين بصحبة 4 آلاف رجل . فأنظر ما يروى أبو هريرة :
      عن أبي السليل قال : أتينا على خليج من البحر ماخيض قبل ذلك اليوم ولا خيض بعده فالتمسنا سفنا فلم نجد فذكرنا ذلك له فصلى ركعتين ثم قال : يا حليم يا عليم يا علي يا عظيم أجرنا . ثم أخذ بعنان فرسه ثم قال : جوزوا باسم الله .
      قال أبو هريرة : فمشينا على الماء فوالله ما ابتلت قدم ولا خف بعير ولا حافر دابة وكان الجيش أربعة آلاف فلما جزنا قال هل تفقدون شيئا قالوا لا ...
      معجزة خارقة للطبيعة . و خرق لنواميس الكون . تحدث لأربعة آلاف رجل دفعة واحدة فلا يرويها سوى رجل واحد فقط !!
      واحد فقط !!! .. أين ذهب الأربعة آلاف رجل ؟

      2-أبو هـريرة و مـعـجـزة قـدح الـلـبن :
      أبو نعيم الفضل بن دكين التيمي ( المتوفى 218 هـ ) عن عمر بن ذر الهمداني ( المتوفى 153 هـ ) عن مجاهد بن جبر المخزومي ( المتوفى 102 هـ ) أن أبا هريرة قال :
      و الله الذى لا آله الا هو أنى كنت لأعتمد بكبدى على الأرض من الجوع و لقد قعدت يوما على طريقهم الذى يخرجون منه فمر أبو بكر فسألته عن آية من كتاب الله ما سألته الا ليشبعنى فمر و لم يفعل ثم مر عمر فسألته عن آية من كتاب الله ما سألته الا ليشبعنى فمر و لم يفعل ثم مر بى أبو القاسم فتبسم حين رآنى و عرف ما فى نفسى ثم قال : أبا هر قلت : لبيك يا رسول الله قال : ألحق فتبعته فوجدنا لبنا فى قدح قال : ألحق الى أهل الصفة فأدعهم لى فساءنى ذلك فقلت : و ما هذا اللبن فى أهل الصفة ؟ كنت أنا أحق أن أصيب من هذا اللبن شربة أتقوى بها . فأذا جاءوا أمرنى أن أعطيهم فقال : يا أبا هر خذ فأعطهم فجعلت أعطيه الرجل فيشرب حتى يروى ثم يرده فأعطيه الآخرحتى يروى حتى أنتهيت الى النبى فأخذ القدح و تبسم الى فقال : أبا هر بقيت أنا و أنت أقعد فأشرب فما زال يقول لى أشرب حتى قلت : لا و الذى بعثك بالحق ما أجد له قال : فأرنيه فأعطيته افحمد الله و شرب الفضلة
      * صحيح البخارى - كتاب الرقاق - باب كيف كان عيش النبى و أصحابه - حديث 6452

      هذه معجزة خارقة و تعد من دلائل النبوة . كيف حدثت تلك المعجزة لأهل الصفة جميعا مرة واحدة فلا يرويها سوى رجل واحد !
      واحد فقط !!! .. أين ذهب سائر الشاربين قاطبة ؟


      3-أسـلام أم أبو هـريرة و دعاء رسـول الله أن يـحـببهما للـمـؤمـنـين :
      عمرو بن محمد الناقد ( المتوفى 232 هـ ) عن عمر بن يونس اليمامي ( المتوفى 206 هـ ) عن عكرمة بن عمار العجلي ( المتوفى 159 هـ ) عن أبي كثير يزيد بن عبد الرحمن عن أبو هريرة قال :
      كنت أدعو أمى الى الأسلام و هى مشركة فدعوتها يوما فأسمعتنى فى رسول الله ما أكره فأتيت رسول الله و أنا أبكى قلت : يا رسول الله أسمعتنى أمى فيك ما أكره فأدع الله أن يهديها . فقال : اللهم أهد أم أبى هريرة . فخرجت مستبشرا فلما بلغت الباب فأذا هو مجاف فسمعت أمى وطء قدمى فقالت : مكانك يا أبا هريرة . و سمعت خضخضة الماء فأغتسلت و لبست درعها و عجلت عن خمارها ففتحت الباب ثم قالت : يا أبا هريرة أشهد أن لا آله الا الله و أشهد أن محمد رسول الله . فرجعت الى رسول الله و أنا أبكى من الفرح فقلت : يا رسول الله أبشر قد أستجاب الله دعوتك فهدى أم أبى هريرة . فحمد الله و أثنى عليه قلت : يا رسول الله أدع الله أن يحببنى أنا و أمى الى عباده المؤمنين و يحببهم إلينا . فقال رسول الله : اللهم حبب عبيدك هذا و أمه الى عبادك المؤمنين و حبب اليهم المؤمنين . فما خلق مؤمن يسمع بى و لا يرانى الا و أحبنى
      * صحيح مسلم - باب فضائل أبى هريرة

      و الواضح لكل عاقل أن هذه الرواية مما تزلف به أبو هريرة الى البسطاء و عوام الناس بعد وفاة أعيان صحابة رسول الله و تحوم حولها عدة شبهات منها :
      -اذا كانت أمه على هذه الحالة من الشرك و كراهية رسول الله . فبأى أمل هاجرت من اليمن و هى بلدها الى مدينة رسول الله و دار هجرته و معقل أنصاره ؟؟؟
      - ان أبو هريرة كان من أفقر مساكين أهل الصفة و هم الذين لا مأوى لهم فكان يأوى الى المسجد و يصرع من الجوع و يتسول الطعام . فمن أين له ذلك البيت الذى ذكره ؟؟؟
      -لو صدقت الرواية لكانت من دلائل النبوة . فبدعاء النبى تحولت أمرأة تمعن فى الكفر و تسترسل فى الضلال الى أحدى المؤمنات المؤدبات بالآداب الشرعية كالأغتسال و لبس الخمار . فلماذا لم يتحدث أى أحد من الصحابة أو التابعين عن تلك المعجزة ؟؟؟
      واحد فقط !!!!
      هذا طبعا بالأضافة الى ما ذكره هو عن نفسه من أن الصحابة كانوا يرونه مجنونا ! و كان أهل العراق يكذبونه ! . و أن مئات الملايين من المسلمين ذهبوا الى أعتباره من المتهمين مثل شيوخ المعتزلة و الشيعة الإمامية و شطر كبير من سائر الشيعة . و قد مر بك أيضا أعلاما من أهل السنة

      4- أبـو هـريـرة يـتـجـاذب الـحـديـث مع الـشيـطـان ! :
      عثمان بن الهيثم العبدي ( المتوفى 220 هـ ) عن عوف بن أبى جميلة ( المتوفى 146 هـ ) عن محمد بن سيرين ( المتوفى 110 هـ ) عن أبي هريرة قال :
      وكلنى رسول الله بحفظ زكاة رمضان فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام فأخذته و قلت و الله لأرفعنك الى رسول الله قال أني محتاج و على عيال فخليت عنه فأصبحت فقال النبى : يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة ؟ فقلت يا رسول الله : شكا حاجة وعيالا فرحمته فخليت سبيله قال : أما أنه كذبك و سيعود و تكرر ذلك ثلاث ليال و فى كل مرة يطلقه و رسول الله يقول له : أما أنه كذبك و سيعود
      و في المرة الثالثة يروي : فقلت لأرفعنك الى رسول الله قال : دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها اذا آويت الى فراشك فأقرأ آية الكرسى فأنك لن يزال عليك من الله حافظ و لا يقربنك شيطان حتى تصبح فخليت سبيله فلما أصبحت قال لي رسول الله : ما فعل أسيرك البارحة ؟ فحكيت له فقال : أتدرى من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة ؟ قلت لا قال النبى : ذاك شيطان !
      * صحيح البخاري - كتاب الوكالة - حديث 2311

      و الأرجح ان أبو هريرة أكل الزكاة المكلف بحفظها ثم روي تلك الرواية التى ان صدقت لجعلته خائنا للأمانة !
      - فقد كلف رسول الله أبو هريرة بحفظ الزكاة و بالتالى ليس من حقه التفريط فيها . فنجده يسامح من يسرقها !
      - نجده يقسم بالله ليرفعن السارق الى رسول الله . فيحنث بالقسم و يطلقه !
      - نجد رسول الله يقول له ثلاث مرات ان أسيره يكذب .. فلا يأخذ بكلامه و يصدق بدلا من رسول الله أسيره و يطلقه !
      د- الشيطان هو الذي يعلمه فضل آية الكرسى و ليس رسول الله ! .و لنا أن نسأل . كيف يخلص الشيطان النصيحة لأبى هريرة و ينصحه بقراءة القرآن و هو الذى لا يأمر إلا بالفحشاء ؟!
      و صدق الله إذ يقول : الشيطان يعدكم الفقر و يأمركم بالفحشاء ( البقرة 268 )
      أما الجزء الأكثر سخرية هو جو الرواية بين الشيطان و أبو هريرة !
      هذا يعفو عنه و يطلقه حرا !!! .... و الآخر ينصحه بتلاوة آية الكرسى !!!

      تعليق


      • #4
        منهج بحث دقيق وماتع وأنيق ..
        تسجيل متابعة ، وفقكم الله
        لنا عودة ..

        تعليق


        • #5
          حياكم الله --

          ومن اراد المزيد عن هذه الشخصية القلقه فليراجع كتاب ابو هريرة للعلامه شرف الدين صاحب كتاب المراجعات في كتاب له اسمه ابو هريرة

          تعليق


          • #6

            تعليق

            المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
            حفظ-تلقائي
            x

            رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

            صورة التسجيل تحديث الصورة

            اقرأ في منتديات يا حسين

            تقليص

            لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

            يعمل...
            X