إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

مقالات علماء الشيعة الإمامية في طهارة نساء الأنبياء عليهم السلام (عائشة عند الشيعة)

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16




    يَـأَيُّهَا النَّبِىُّ جَـهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَـفِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَيـهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (9) ضَرَبَ اللهُ مَثَلا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوح وَامْرَأَتَ لُوط كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَـلِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّخِلِينَ (10) وَضَرَبَ اللهُ مَثَلا لِّلَّذِينَ ءَامَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِى عِندَكَ بَيْتاً فِى الْجَنَّةِ وَنَجِّنِى مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِى مِنَ الْقَوْمِ الظَّـلِمِينَ (11) وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِى أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَـتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَـنِتِينَ (12)

    التّفسير:

    نماذج من النساء المؤمنات والكافرات:

    بما أنّ المنافقين يفرحون لإفشاء أسرار الرّسول وإذاعة الأخبار الداخلية عن بيته، ويرحبون ببروز المشاجرات والإختلافات بين زوجاته - التي مضت الإشارة إليها في الآيات السابقة - بل إنّهم كانوا يساهمون في إشاعة تلك الأخبار وإذاعتها بشكل أوسع، نظراً لكلّ ذلك فقد خاطب القرآن الكريم الرّسول بأن يشدّد على المنافقين والكافرين ويغلّظ عليهم.
    حيث يقول: (ياأيّها النبي جاهد الكفّار والمنافقين وأغلظ عليهم ومأواهم جهنّم وبئس المصير).
    الجهاد ضدّ الكفّار قد يكون مسلّحاً أو غير مسلّح، أمّا الجهاد ضدّ المنافقين فإنّه بدون شكّ جهاد غير مسلّح، لأنّ التاريخ لم يحدّثنا أبداً عن أنّ الرّسول خاض مرّة معركة مسلّحة ضدّ المنافقين.
    لهذا ورد في الحديث عن الإمام الصادق(ع) : "إنّ رسول الله لم يقاتل منافقاً قطّ إنّما يتألّفهم".
    وبناءً على ذلك فإنّ المراد من الجهاد ضدّ المنافقين إنّما هو توبيخهم وإنذارهم وتحذيرهم، بل وتهديدهم وفضحهم، أو تأليف قلوبهم في بعض الأحيان.
    فللجهاد معنى واسع يشمل جميع ذلك.
    والتعبير بـ "أغلظ عليهم" إشارة إلى معاملتهم بخشونة وفضحهم وتهديدهم، وما إلى ذلك.
    ويبقى هذا التعامل الخاصّ مع المنافقين، أي عدم الصدام المسلّح معهم، ما داموا لم يحملوا السلاح ضدّ الإسلام وذلك بسبب أنّهم مسلمون في الظاهر، وتربطهم بالمسلمين روابط كثيرة لا يمكن معها محاربتهم كالكفّار، أمّا إذا حملوا السلاح فيجب أن يقابلوا بالمثل، لأنّهم سوف يتحوّلون إلى (محاربين).
    ولم يحدث مثل ذلك أيّام حياة الرّسول (ص) لكنّه حدث في خلافة أمير المؤمنين علي (ع) حيث خاض ضدّهم معركة مسلّحة.
    وذهب بعض المفسّرين إلى أنّ المقصود من "الجهاد ضدّ المنافقين" الذي ورد ذكره في الآية السابقة هو إجراء الحدود الشرعية بحقّهم، فإنّ أكثر الذين كانوا تجرى عليهم الحدود هم من المنافقين.
    ولكن لا دليل على ذلك، كما لا دليل على أنّ الحدود كانت تجرى على المنافقين غالباً.
    الجدير بالذكر أنّ الآية السابقة وردت أيضاً وبنفس النصّ في سورة التوبة الآية 73.
    ومن أجل أن يعطي الله تعالى درساً عملياً حيّاً إلى زوجات الرّسول الأعظم(ص) عاد مرّة اُخرى يذكر بالعاقبة السيّئة لزوجتين غير تقيتين من زوجات نبيين عظيمين من أنبياء الله، وكذلك يذكر بالعاقبة الحسنة والمصير الرائع لامرأتين مؤمنتين مضحيّتين كانتا في بيتين من بيوت الجبابرة، حيث يقول أوّلا: (ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما، فلم يغنيا عنهما من الله شيئاً وقيل ادخلا النار مع الداخلين).
    وبناءً على هذا فإنّ القرآن يحذّر زوجتي الرّسول اللتين اشتركتا في إذاعة سرّه، بأنّكما سوف لن تنجوا من العذاب لمجرّد كونكما من أزواج النبي كما فعلت زوجتا نوح ولوط فواجهتا العذاب الإلهي.
    كما تتضمّن الآيات الشريفة تحذيراً لكلّ المؤمنين بأنّ القرب من أولياء الله والإنتساب إليهم لا يكفي لمنع نزول عذاب الله ومجازاته.
    وورد في كلمات بعض المفسّرين أنّ زوجة نوح كانت تدعى "والهة" وزوجة لوط "والعة" بينما ذكر آخرون عكس ذلك أي أنّ زوجة لوط اسمها (والهة) وزوجة نوح اسمها (والعة).
    وعلى أيّة حال فإنّ هاتين المرأتين خانتا نبيّين عظيمين من أنبياء الله.
    والخيانة هنا لا تعني الإنحراف عن جادّة العفّة والنجابة، لأنّهما زوجتا نبيّين ولا يمكن أن تخون زوجة نبي بهذا المعنى للخيانة، فقد جاء عن الرّسول(ص)
    : "ما بغت امرأة نبي قطّ".
    كانت خيانة زوجة لوط هي أن أفشت أسرار هذا النبي العظيم إلى أعدائه، وكذلك كانت زوجة نوح (ع).
    وذهب الراغب في "المفردات" إلى أنّ للخيانة والنفاق معنىً واحداً وحقيقة واحدة، ولكن الخيانة تأتي في مقابل العهد والأمانة، والنفاق يأتي في الاُمور الدينية وما تقدّم من سبب النزول ومشابهته لقصّة هاتين المرأتين توجب كون المقصود من الخيانة هنا هو نفس هذا المعنى.
    وعلى كلّ حال فإنّ الآية السابقة تبدّد أحلام الذين يرتكبون ما شاء لهم أن يرتكبوا من الذنوب ويعتقدون أنّ مجرّد قربهم من أحد العظماء كاف لتخليصهم من عذاب الله، ومن أجل أن لا يظنّ أحد أنّه ناج من العذاب لقربه من أحد الأولياء، جاء في نهاية الآية السابقة: (فلم يغنينا عنهما من الله شيئاً وقيل ادخلا النار مع الداخلين).
    ثمّ يذكر القرآن الكريم نموذجين مؤمنين صالحين فيقول: (وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون).
    من المعروف أنّ اسم زوجة فرعون (آسية) واسم أبوها (مزاحم) وقد آمنت منذ أن رأت معجزة موسى (ع) أمام السحرة، واستقرّ قلبها على الإيمان، لكنّها حاولت أن تكتم إيمانها، غير أنّ الإيمان برسالة موسى وحبّ الله ليس شيئاً يسهل كتمانه، وبمجرّد أن اطّلع فرعون على إيمانها نهاها مرّات عديدة وأصرّ عليها أن تتخلّى عن رسالة موسى وربّه، غير أنّ هذه المرأة الصالحة رفضت الإستسلام إطلاقاً.
    وأخيراً أمر فرعون أن تُثبت يداها ورجلاها بالمسامير، وتترك تحت أشعة الشمس الحارقة، بعد أن توضع فوق صدرها صخرة كبيرة.
    وفي تلك اللحظات الأخيرة كانت امرأة فرعون بهذا الدعاء إذ قالت: (ربّ ابن لي عندك بيتاً في الجنّة ونجّني من فرعون وعمله ونجّني من القوم الظالمين) وقد استجاب لها ربّها وجعلها من أفضل نساء العالم إذ يذكرها في صفّ مريم.
    في رواية عن الرّسول (ص) : "أفضل نساء أهل الجنّة خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمّد ومريم بنت عمران، وآسيا بنت مزاحم امرأة فرعون".
    ومن الطريف أنّ امرأة فرعون كانت تستصغر بيت فرعون ولا تعتبره شيئاً مقابل بيت في الجنّة وفي جواره تعالى، وبذلك أجابت على نصائح الناصحين في أنّها ستخسر كلّ تلك المكاسب وتحرم من منصب الملكة (ملكة مصر) وما إلى ذلك.
    لسبب واحد هو أنّها آمنت برجل راع كموسى.
    وفي عبارة (ونجّني من فرعون وعمله ونجّني من القوم الظالمين) تضرب مثلا رائعاً للمرأة المؤمنة التي ترفض أن تخضع لضغوط الحياة، أو تتخلّى عن إيمانها مقابل مكاسب زائلة في هذه الدنيا.
    لم تستطع بهارج الدنيا وزخارفها التي كانت تنعم بها في ظلّ فرعون، والتي بلغت حدّاً ليس له مثيل.
    لم تستطع كلّ تلك المغريات أن تثنيها عن نهج الحقّ، كما لم تخضع أمام الضغوط وألوان العذاب التي مارسها فرعون.
    وقد واصلت هذه المرأة المؤمنة طريقها الذي إختارته رغم كلّ الصعاب واتّجهت نحو الله معشوقها الحقيقي.
    وتجدر الإشارة إلى أنّها كانت ترجو أن يبني الله لها بيتاً عنده في الجنّة لتحقيق بعدين ومعنيين: المعنى المادّي الذي أشارت إليه بكلمة "في الجنّة"، والبعد المعنوي وهو القرب من الله "عندك" وقد جمعتهما في عبارة صغيرة موجزة.
    ثمّ يضرب الله تعالى مثلا آخر للنساء المؤمنات الصالحات، حيث يقول جلّ من قائل: (ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا).
    فهي امرأة لا زوج لها أنجبت ولداً صار نبيّاً من أنبياء الله العظام (من اُولي العزم).
    ويضيف تعالى قائلا: (وصدّقت بكلمات ربّها وكتبه) و (كانت من القانتين).
    كانت في القمّة من حيث الإيمان، إذ آمنت بجميع الكتب السماوية والتعاليم الإلهية، ثمّ إنّها كانت قد أخضعت قلبها لله، وحملت قلبها على كفّها وهي على أتمّ الإستعداد لتنفيذ أوامر الباري جلّ شأنه.
    ويمكن أن يكون التعبير بـ (الكتب) إشارة إلى كلّ الكتب السماوية التي نزلت على الأنبياء، بينما التعبير بـ (كلمات) إشارة إلى الوحي الذي لا يكون على شكل كتاب.
    ونظراً لرفعة مقام مريم وشدّة إيمانها بكلمات الله، فقد وصفها القرآن الكريم في الآية (75) من سورة المائدة (صدّيقة).
    وقد أشار القرآن إلى مقام هذه المرأة العظيمة في آيات عديدة، منها ما جاء في السورة التي سمّيت باسمها أي (سورة مريم).
    على أيّة حال فإنّ القرآن الكريم تصدّى للشبهات التي أثارها بعض اليهود المجرمين حول شخصية هذه المرأة العظيمة، ونفى عنها كلّ التّهم الرخيصة حول عفافها وطهارتها وكلّ ما يتعلّق بشخصيتها الطاهرة.
    والتعبير بـ (ونفخنا فيه من روحنا) لإظهار عظمة وعلو هذه الروح، كما أشرنا إلى ذلك سابقاً. أو بعبارة اُخرى: إنّ إضافة كلمة (روح) إلى "الله" إضافة تشريفية لبيان عظمة شيء مثل إضافة "بيت" إلى "الله".
    ومن الغريب ما كتبه بعض المفسّرين من إعتبارهم عائشة أفضل النساء، وأنّها أعظم من غيرها من النساء ذوات القدر الكبير والشأن عند الله.
    ولقد كان حريّاً بهم أن لا يتطرّقوا إلى هذا الحديث في هذه السورة، التي نزلت لتعلن خلاف ما ذهبوا إليه وبشكل صريح لا يقبل الجدل.
    فإنّ كثيراً من مفسّري ومؤرّخي أهل السنّة أكّدوا على أنّ اللوم والتوبيخ اللذين وردا في الآيات السابقة كانا موجّهين إلى زوجتي الرّسول (ص) "حفصة" و "عائشة" ومنها ما جاء في صحيح البخاري الجزء السادس صفحة 195 ونحن ندعو بهذه المناسبة أهل التفكير الحرّ جميعاً لأن يعيدوا تلاوة آيات هذه السورة ثمّ ليتعرّفوا على قيمة وجدارة مثل هذه الأحاديث.
    اللهمّ جنّبنا الحبّ الأعمى والبغض الأعمى الذي لا يقوم على البرهان بقدر ما يقوم على العصبية، واجعلنا من المستسلمين الخاضعين بكلّ وجودنا إلى آيات قرآنك المجيد.
    ربّنا ولا تجعلنا من الذين غضب عليهم الرّسول فلم يرض أعمالهم وطريقة حياتهم.
    اللهمّ هب لنا إستقامة لا نتأثّر معها بالضغوط، ولا نخضع لعذاب الفراعنة وجبابرة العصر.
    آمين ربّ العالمين

    تعليق


    • #17


      بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

      إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ * لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ (النور11 - 12)

      تسمى هذه الآيات بآيات الإفك. الإفك معناه الكذب العظيم الذي اختلقة بعض المنافقين بشأن زوجة رسول الله لغرض الإساءة إليه (صلى الله عليه وآله) خلاصة هذه القصة نقلا عن أهل السنة: إن عائشة زوجة الرسول دخلت بستانا لقضاء الحاجة اثناء عودة المسلمين من إحدى غزواتهم، وهناك سقطت عصابة رأسها فظلت تبحث عنها وتأخرت - نتيجة ذلك - عن القافلة، ثم أنها دخلت المدينة متأخرة برفقة صفوان الذي كان يسير خلف القافلة لمساعدة المتخلفين عنها. وفي أعقاب هذه الحادثة روج المنافقون تهما ضد زوجة الرسول (صلى الله عليه وآله).. يستفاد من هذه الآيات قضايا تربوية واجتماعية ذات أهمية بالغة، وقد نتعرض نحن في عصرنا الحالي لابتلاءات من هذا القبيل.
      تؤكد الآية إن الذين جاءوا بهذا الإفك هم عصابة منكم. وبهذا الأسلوب ينبه القرآن المسلمين والمؤمنين إلى وجود مجاميع بينهم تتظاهر بالإسلام ولكنها تستهدف من وراء ذلك مقاصد خطيرة. أي أن القرآن يريد القول أنّ اختلاق هذا الإفك على يد تلك الفئة لم يكن عن جهل أو غفلة، بل كان عملا مقصودا ومبيتا يرمي إلى الإساءة إلى الرسول وانتهاك حرمته، إلا أنهم لم يحققوا غايتهم تلك.
      يذكر القرآن إن هؤلاء عصبة منكم، وكان قصدهم شرا لكن النتيجة جاءت خيرا: ﴿لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ﴾. لا تظنوا أنّ في هذه الحادثة انتكاسة لكم أنتم أيها المسلمون، أبدا بل أن هذه القصة مع ما فيها من مرارة كانت خيرا للمسلمين. ولكن لماذا يعتبر القرآن هذه القصة ذات مردود إيجابي مع إنّها كانت تنطوي على مرارة فضيعة؟ هذه القصة وضعت حدّاً لانتهاك حرمة الرسول (صلى الله عليه وآله) وبقيت تتداولها الألسن أياما متوالية _ حوالي أربعين يوماً _ إلى أن نزل الوحي وتوضّحت الأمور تدريجيا. والله يعلم بما جرى على الرسول والمقربين إليه خلال هذه المدة‍.
      أما قول القرآن انه خير فيعزى إلى سببين هما:
      أولا: إن هذه الفئة المنافقة قد كشف عنها. من أكبر المخاطر التي تهدد المجتمعات هو تداخل الخنادق واختلاط الصفوف. فالمنافقون والمؤمنون كلهم في خندق واحد. وما دامت الأوضاع مستقرة فلا خطر في ذلك. ولكن ما أن يتعرض ذلك المجتمع إلى هزّة حتى يلحق به المنافقون أفدح الأضرار. ولهذا فالأحداث التي تمر بالمجتمع تؤدي إلى الكشف عن الوجوه.
      وإذا وقع للمجتمع بلاء يقف المؤمنون إلى جانب المؤمنين، ويمزق المنافقون حجب نفاقهم ويقفون في الخندق الذي ينبغي لهم الوقوف فيه. وهذا خير كبير للمجتمع. المنافقون الذي وضعوا هذه القصة بقي لهم منها - حسب تعبير القرآن _ "الإثم" فقط، والإثم بمعنى وصمة الذنب. فأولئك المنافقون قد سقطوا من الاعتبار ما بقوا على قيد الحياة.
      ثانيا: إن الذين لفقوا هذه التهمة لفقوها عن وعي، إلاّ أن سائر المسلمين صاروا كأداة لهذه الزمرة، فأكثرية المسلمين مع ما تتصفبه من الإخلاص والإيمان ونزاهتهم عن الأغراض والمساوئ إلا أنهم اتخذوا من قبل هذه الزمرة كأداة إعلامية ولكن لا عن قصد أو عن وعي. وهذا ما يبينه القرآن بشكل واضح.
      ...
      الفائدة الثانية من هذه القصة هي أن المسلمين أدركوا الخطأ الذي وقعوا فيه، مما أدى إلى إيجاد الوعي بينهم. أي انهم وقفوا على حقيقة تلك الفئة من جهة، وعرفوا موضع خطئهم من جهة أخرى.
      ...
      الإسلام يقول: متى ما سمعتم مثل هذا الكلام لا تذكروه أمام أحد أبدا. أن كنت في شك منه أذهب وتحرّاه بنفسك. وإذا لم تكن لديك رغبة في التحقق من صحة الأمر لماذا تذيعه للآخرين؟ لا يحق لك أبدا إفشاؤه.
      ... الفائدة الثانية المستقاة من قصة الإفك هي توعية المسلمين. والقرآن ذكرها لتبقى على الدوام يقرؤها الناس باستمرار ويأخذوا منها العبر. فإياك وإن تصبح أداة وإذاعة للآخرين.
      ...
      وقول القرآن ﴿لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم﴾ يريد منه إنّ هذا درس لكم أيّها المسلمون إقرأوا قرآنكم وخذوا منه العبر لكي لا تكونوا بعدها أبواقاً إعلامية للأعداد ولما يبثونه من إشاعات. ثم يقول: أن الذين جاؤا بهذه القصة لحقتهم عواقب ذنبهم كل حسب ما ارتكب من الذنب، وإن أحدهم قد تحمل القسم الأعظم من ذلك الأثم "والمقصود به عبدالله بن أبي بن سلول" ﴿وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾. وبالإضافة إلى سوء المصير والسمعة في هذه الدنيا حيث بقي يُسمى برئيس المنافقين ما دامت الدنيا. ويذيقه الله أيضا عظيم العذاب في الآخرة.
      ﴿لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ﴾ كان من الممكن أن يعبر القرآن عن هذا المعنى بالقول: أيها المسلمون لماذا أسأتم الظن بإخوانكم المسلمين لما سمعتم هذا الخبر ولم تحسنوا الظن بهم؟ ولكنه لو عرضه بهذا المعنى لكان قد عرض موضوعا في غاية البساطة، ولكنه قال: لماذا أسأتم الظن بأنفسكم؟ أي يجب أن تفهموا أنكم بناء واحد وجسد واحد. وعلى المؤمنين أن يعتبروا أنفسهم أعضاء في جسد واحد، فإذا نسبت لأحدهم تهمة تكون وكأنها موجهة ضدهم كافة، وإن عرض أي مسلم كأنه عرض الجميع.
      النقطة الثانية هي أن القرآن لم يقل: لماذا لم تظنوا بأنفسكم خيرا؟ بل قال: لماذا لم يظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا؟ هنا ذكر الرجل والمرأة سوية، أي لا فرق بين الرجل والمرأة. ثم يدخل كلمة الإيمان في السياق، أي أن الإيمان هو ملاك الوحدة والاتحاد. أي أن المؤمنين يعتبرون نفسا واحدة انطلاقا من مبدأ الإيمان. أي انه يريد القول أيها المؤمنون والمؤمنات لو وجهت إلى أحدكم تهمة، هل يذيعها ويتحدث بها حيثما جلس ويقول نُسِبَت إلىّ مثل هذه التهمة؟ كيف إذا نُسبت لأحدكم تهمة يفهم أنّه يجب عليه التزام الصمت ولا يعمل على إشاعتها في حين إذا نسبت إلى إخوانه المؤمنين وأخواته المؤمنات لا يتخذ نفس الموقف؟ ﴿لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ﴾.
      لماذا حينما سمعوه لم يقولوا: هذا إفك. سكت رسول الله مدّة شهر، في حين كان المسلمون الغافلون يتناقلون تلك الأكذوبة في مجالسهم وكلّ واحد منهم يقول: سمعت كذا؟ القرآن يقول: كان ينبغي أن تقولوا: هذا إفك منذ اليوم الأول. وعليكم الآن ان تقولوا حين سماع مثل هذا الإشاعات: هذا إفك مبين.
      ﴿لَوْلَا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء فَأُوْلَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ﴾ (النور/13).

      أي أنكم ملزمون برعاية الأحكام والقوانين التي حددها الإسلام لسلوككم. وأية تهمة تسمعونها بحق أي شخص مسلم - مادامت لم تثبت - يجب أن تعتبرونها أكذوبة، وأنها كذب عند الله، وعبارة "عند الله" بمعنى في الأحكام الشرعية.
      التكليف واضح جداً. فإذا سمعنا شخصاً يتهم فرداً أو جماعة أو مؤسسة، ما هو تكليفنا؟ هل تكليفنا أن نسكت؟ أم نقول "الله أعلم"؟ أم نقول: لا ندري ربّما صحيح وربّما غير صحيح؟ أم نتحدّث في المجالس ونقول سمعنا يقولون هكذا؟ ما هو موقفنا؟ طالما لم تقم البينة الشرعية، وطالما لم يثبت لدينا شرعا - كأن يشهد أربعة عدول في قضايا الزنا، وشاهدان عدلان في القضايا الأخرى، وهذا هو معنى البيّنة الشرعيّة هنا، وعندها يترتب علينا واجب آخر - لا يحق لنا التحدث بذلك، ولا يحق لنا أن نقول: لا نعلم، أو نقول ربما للقضية أساس أو ربما لا أساس لها، ولا يحقّ لنا أن نسكت، بل يجب أن نكذّب الخبر ريثما يثبت شرعا وحينها يجب علينا التصدي لتلك الظاهرة السلبية.
      يقع علينا بطبيعة الحال في كل حالة تكليف معين. في بعض المواقف يجب علينا الوقوف بوجه ذلك العمل، وفي مواقف أخرى يجب على الحاكم الشرعي اتخاذ الإجراءات الرادعة كقضية الزنا مثلا. والقرآن يقول: انتم أيها المسلمون إذا تناقلتم مثل هذه الإشاعات ترتكبون إثما عظيما، إلا أن الله غفر لكم هذا الذنب، وعليكم أن تحاذروا من ارتكاب مثل هذا العمل مستقبلا.
      ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ (النور/14).
      ولكن أي ذنب هذا الذي انهمكنا فيه، ونقلناه؟ ﴿إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ﴾ (النور/15). وكنتم تظنونه أمراً هيّناً: ﴿وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ لأن القضية هنا تخصّ كرامة المسلمين، وفي هذا المورد بالخصوص يمسّ بكرامة الرسول (صلى الله عليه وآله) فلماذا حينما سمعتموه لم تقولوا لا يحق لنا الخوض في هذا الحديث؟ ﴿وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ﴾ (النور/16). ولا يقتصر الموقف عند حد الامتناع عن الكلام ‎، بل لا بد من تكذيب الخبر: ﴿سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ﴾ (النور/16).
      أن الله يعظكم أيها المسلمون أن لا تعودوا لمثل هذا الذنب: ﴿يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ (النور/17).
      ويجب عليكم أن لا تكونوا أداة إعلامية تشيع ما يلقيه العدو في الأفواه: ﴿وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ (النور/18). فهو تعالى عالم بكل شيء وأنزل عليكم هذه الآيات على أساس حكمته.
      ...
      المجتمع الذي يلفق الأكاذيب والتهم والبهتان وعده الله بالعذاب. جاء في الآية التالية: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ (النور/19).كما تتضمن الآيات اللاحقة مزيدا من التأكيد على المؤمنين أن لا يتبعوا الأكاذيب التي يبثها الآخرون ويصبحون جهازا إعلاميا للتشهير بأنفسهم.
      التعديل الأخير تم بواسطة alyatem; الساعة 19-03-2013, 04:18 AM.

      تعليق


      • #18
        ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ * وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّه رَؤُوفٌ رَحِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ (النور19 - 21)
        ذكرنا أن القرآن يؤكد كثيرا على وجوب نقاء الأجواء الإسلامية من التهمةوالافتراء والبهتان والقول السيء. والمسلمون مكلفون بوأد كلّ ما يسمعونه عن إخوانهم وأخواتهم المؤمنات طالما لم يبلغ حدّ اليقين القطعي - لا بمجرد الظن والتصور - وأن لا يتناقلوه حتى بصورة "لقد سمعت" ما دامت ليست فيه أية بينة شرعية، لأن نقل الكلام على هيئة "سمعت ان ..." هو نوع من إشاعته أيضا.
        والإسلام يرفض أي نوع من الإشاعة لمثل هذه الأقاويل والأخبار القذرة الدنيئة فقد جاء في الآية ﴿وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ (البقرة/216) أي أنكم لا تعلمون مدى جسامة هذه الجريمة ولا تعلمون حجم العقوبة المقررة لها.
        الإسلام يريد أن تتوطد أسس المجتمع الإسلامي على أساس الثقة المتبادلة وحسن الظن والقول الحسن، لهذا السبب حرم الغيبة إلى الحد الذي جعل القرآن الكريم يقول عنها: ﴿وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ﴾ (الحجرات/12). وعلى هذا الأساس يؤكد القرآن بصيغ وأساليب شتى على هذه القضية، ومن جملة ذلك ما ورد في الآية الشريفة: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ (النور/19). وهذه الآية من الآيات التي تحمل معنيين وكلاهما صحيح.
        أحد الذنوب الكبيرة التي توعّد القرآن بالعذاب الأليم جزاء لها هي إشاعة الفحشاء بين الناس. هناك من يروج لإشاعة الفساد بين الناس لأغراض مادية أو لأطماع أخرى.
        ...
        أما السبب الذي جعل الإسلام يؤكد على أهمية العفة فهوا أن الطاقات الإنسانية كامنة فيها. قد لا يصدق أحدنا أن الإدارة الإنسانية كامنة في الجهاز التناسلي، لكن حقيقة الأمر هي هذه. الإسلام لا يعارض العلاقات الجنسية ولكن يريدها أن تكون ضمن إطار العائلة، ولا يؤيد ما تذهب إليه الكنيسة والمذهب الكاثوليكي. إلا أنه لا يجيزه خارج الزواج الشرعي.
        ويستهدف الإسلام من وراء هذا، المحافظة على روح النخوة والنبل والشهامة والإنسانية والشرف عند الرجل المسلم والمرأة المسلمة...
        يقول القرآن الكريم عمن يريد إشاعة الفاحشة لقتل هذه الروح الإنسانية:﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ * وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّه رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾ وقد حددت الآية نوع العذاب الأليم للإشارة إلى أهمية وحساسية هذه القضية في الرؤية الإسلامية. هذا تفسير للآية التي تتحدث عن إشاعة الفحشاء بين أهل الإيمان.
        أشير هنا إلى قضية لغوية حول معنى حرف الجر "في" لإلقاء الضوء على المعنى الثاني للآية. هذا الحرف يأتي أحيانا بمعني يشير إلى الظرف المكاني، وأحيانا بمعنى "بشأن" أو "فيما يخص". ويمكن تفسير هذه الآية على الوجهين وهو تفسير صحيح، وينطبق كلاهما مع سياق آيات الإفك. وبهذا يكون المعنى الثاني للآية هو: "الذين يحبون إشاعة الفاحشة عن أهل الإيمان" أي ليس المراد: الذين يحبون إشاعة الفساد ذاته بين الذين آمنوا، بل أن تشيع تهمة الفساد بشأن الذين آمنوا، أي أن يساء إلى سمعتهم.
        هناك عدد من الناس لديهم ما يمكن أن يصطلح عليه علم النفس اليوم باسم "العقدة"، فحيثما شاهدوا شخصا له مكانة بين الناس يبادرون إلى إشاعة ما ينتقص منه حسداً منهم له لعدم قدرتهم على مجاراته. يقولون في أنفسهم: ما دمنا لا نستطيع بلوغ منزلته إذن فلنحاول الهبوط به. والطريق إلى ذلك يتم بمنتهى الدناءة عبر تلفيق الإشاعات ضدة. ولا شك في أن الإثم الناتج عن هذا العمل لا يعلم مداه إلا الله !
        قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات مرة لأصحابه: "ألا أخبركم بشر الناس؟ قالوا: بلي يا رسول الله قال: الذي يمنع رفده ويضرب عبده ويتزود وحده، فظنوا أن الله لم يخلق خلقا هو شر من هذا. ثم قال: إلا أخبركم بمن هو شر من ذلك؟ قالوا: بلى يا رسول الله .
        قال: الذي لا يرجى خيره ولا يؤمن شره فظنوا أن الله فظنوا أن الله لم يخلق خلقا هو شر من هذا، ثم قال ألا أخبركم بمن هو شر من ذلك؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال المتفحش اللعان الذي إذا ذكر عنده المؤمن لعنهم وإذا ذكروه لعنوه؟ (الكافي ج2 /290 ح7)وإلى هنا توقف الرسول. ومعنى هذا إنه لا يوجد من هو شر من هذا.
        إذن فالمعنى الثاني للآية هو أن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة بشأن الذين آمنوا لهم عذاب أليم. ثم يقول: ﴿فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ لم يقولوا لنا سابقا أن لكل ذنب عذاب في الدنيا والآخرة، بل وان الكثير من الذنوب لا عذاب لها في الدنيا. ولكن لكل ذنب عقوبة في الآخرة. إلا أن ثمة ذنوب لا يتغاضى الله عن المعاقبة عليها حتى في الدار الدنيا. أحد الذنوب التي لها عقوبة في الدنيا - ويمكن تجربة ذلك عمليا! - هو ذنب التهمة وهدر كرامة الآخرين. فمن يتهم الآخرين بالباطل سيقع هو في نفس هذا المأزق يوما ما، فقد يأتي شخص مثله ويتهمه بالباطل، أو يفتضح أمره وتهدر كرامته بشكل أو آخر.
        ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ أي أن الموضوع على قدر عظيم من الأهمية بحيث أنّ الله يعلم خطورته وأنتم لا تعلمونها.﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّه رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾ (النور/20) أي كل ينبغي أن يصيبكم عذاب عظيم بسبب غفلتكم هذه إلا أن الله بفضله منع عنكم ذلك.
        ثم يأتي تأكيد آخر هو: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ﴾ (النور/21) وهذه الآية حثٌّ على عدم اتباع الشيطان. وقد يقول قائل: نحن لا نعرف الشيطان ولا نراه، فمن أين لنا أن نفهم أن هذا موضع لقدم الشيطان فلا نضع قدمنا فيه؟ والحقيقة أن هذا الأمر لايحتاج إلى رؤية. اعرفوا الشيطان من وساوسه. فمتى ما شعرتم بوسوسة الشيطان في قلوبكم يدعوكم فيها إلى ارتكاب القبيح والمنكر، فهناك خطوات الشيطان، فهو قد تقدمكم ويدعوكم للسير خلفه. وهذا مما لا يستلزم الرؤية بالعين، بل تحرز رؤيته بالقلب. ﴿وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾ عليه أن يعلم أن من يتبع خطوات الشيطان ﴿فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ.
        ﴿الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ هذا تأكيد آخر على أنكم أيها المسلمون كنتم على شفا حفرة في عهد الرسول، وان مجتمعكم كاد أن يسقط فيها لولا وجود الرسول. واعلموا أنه لو وقعت مثل هذه القضية في عصور أخرى وكثرت الإشاعات التي تنتهك أعراض المسلمين، فأنكم ستسقطون وتقعون في مهلكة كبرى "كما هو حالنا اليوم" ﴿وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا﴾ أي لولا فضل الله عليكم لما كان أي واحد منكم طاهرا ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ الآية اللاحقة تتعلق بهذه القضية، ولكن تتناولها من جانب آخر وهو:
        ﴿وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ (النور/22) يشير القرآن هنا إلى مسألة تتعلق بامتناع الأثرياء وأولي الفضل عن الإنفاق. والمراد هنا بالفضل المال والثروة، وأولوا الفضل بمعنى الأغنياء.
        ...
        يقول القرآن: على الأغنياء وأصحاب الثروة المشروعة أن لا يقسموا على قطع العطاء عن المستحقين، حيث كان بعض أغنياء المسلمين يقدمون العون إما للمهاجرين أو للمساكين أو لأقربائهم، ولكنهم في أحد المواقف - ويبدو انه هذا الموقف - رأوا منهم ما يغيض ويبعث على الغضب. ولهذا قالوا: عجيب أمر هؤلاء القوم نحن نساعدهم لوجه الله وهم يستغلون هذا العون ويرتكبون المعاصي! نحن نساعدهم لوجه الله وهم يلفقون الأكاذيب ويبثون الإشاعات! ولهذا السبب عزموا على قطع العون عمن كانوا يساعدونه من الفقراء الذين شاركوا في قضية الإفك تلك، وأقسموا أنهم لن يقدموا لهم أي عون بعد الآن. إلا أن القرآن الكريم يحرص على وحدة المجتمع الإسلامي أكثر من أي شيء آخر.مع ان هذه القضية كان فيها إفك وتهمة كبرى وارتكب عامة المسلمين خطأ في هذا الصدد، انبرى القرآن لإصلاح الخطأ الماضي وقال لعامة المسلمين: أنكم اخطأتم حينما جعلتم أنفسكم أداة لبث إشاعة تلك العصابة. وبعد أن عزم الأغنياء على قطع معوناتهم عن الفقراء، فبما أن قطع تلك المعونات من شأن أن يؤدى إلى عزل تلك الفئة عزلا تاما، جاء الأمر بالصفح عنهم: ﴿وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ (النور/22) بعد نزول هذه الآية قرر الأغنياء عدم قطع معونتهم عمن كانوا يقدمونها له.
        ...
        لا أعتقد أن القرآن أكدّ على شيء مثل تأكيده على حرمة التهمة - وخاصة أتّهام النساء - إذ قال في هذا المورد: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (النور23 -24).هذا منطق القرآن، ولكن ليس هنا مجال الحديث عنه بشكل تفصيلي. القرآن يقول صراحة إن عالم الآخرة عالم حي وكل شيء في حي. وكل عضو فيه يشهد على ما أرتكب، اليد تشهد على ما ارتكب، والرجل تشهد على ما اقترفت، وكلّ من العين والأذن تشهد بما اقترفت. والجلد - وهو كناية عن الأعضاء التناسلية - يشهد على ما اقترف اللسان هناك يختم عليه ويقال له: اسكت ودع الجوارح والأعضاء تتحدث بنفسها، واللسان لا يتكلم هناك إلا بما اقترف هو بذاته.
        يقول القرآن: يوم تشهد علي هؤلاء الأشخاص ألسنتهم " لأن الذنب كان باللسان" وأيديهم وأرجلهم بما اقترفت: ﴿يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ﴾ (النور/25) إذا كانت هناك امرأة - والعياذ بالله - فاسدة، فإن فسادها يؤدي إلى الانتقاص من شرف زوجها، إلا أن فساد الرجل لا يقدح بشرف زوجته.
        ...
        فإذا فسدت المرأة لا يمكن للزوج حينذاك ادعاء الشرف لنفسه. ولكن مهما كان الزوج فاسدا، لا يعتبر الناس زوجته فاسدة - إن كانت شريفة ذاتا - بل يقولون أن زوجها فاسد وهي لا ذنب لها. هذا من جهة.
        ومن جهة أخرى فإن المرأة هي شرف الرجل في جوانب العفة والشرف، إلاّ إن جوانبها الأخرى الفردية والذاتية لا علاقة لها بالزوج. أي إذا كانت المرأة فاسدة، فذلك يعتبر تدنيسا لشرف الرجل ولكنها إذا كان فيها نقص آخر فلا يحتسب ذلك على الرجل. فلو كانت المرأة مثلا كافرة أو منافقة فلا صلة للرجل بذلك. ولهذا السبب يضرب القرآن مثلا بامرأتي نوح ولوط. فهذان كان كلاهما نبيين حين كانت زوجتاهما كافرتين ومرتبطتين عقائديا بخصومهما. هنا يقول القرآن: ﴿الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ (النور/26) والمراد هنا طيب الشرف.
        الرجل الخبيث الفاسد يفقد الغيرة ويقبل بالزوجة الفاسدة ولا يغيظه ما هي عليه من الفساد. إلا أن الرجل الطيب والشريف لا يمكن أن يقبل أبدا بامرأة غير شريفة. وهذا يحصل طبعا وفقا لنوع من الاختيار. فالطيبون يطلبون الطيبات والخبيثون يطلبون الخبيثات. وهذا لا يعتبر حكما شرعيا، بل بيان لقانون طبيعي.
        ...
        والروح الخبيثة للشخص الفاسد تحبذ المرأة الخبيثة، والروح الخبيثة للمرأة الفاسدة تهوى الرجل الخبيث. إلاّ إنّ الروح الطيّبة للرجل الشريف تميل إلى المرأة الصالحة، الروح الطيبة للمرأة الشريف ترتضي الرجل الشريف.
        كيف تتحدثون عن شرف الرسول (صلى الله عليه وآله) بهذه الكيفية؟ من المستحيل أن تكون ي أسرة أي من الأنبياء أمثال هذه المفاسد. أجل قد يقع الكفر بين أفراد عوائل الأنبياء أو أن يكون ابنه كافرا، ولكن من المستحيل أن يكون فاسقا.
        التعديل الأخير تم بواسطة alyatem; الساعة 19-03-2013, 04:20 AM.

        تعليق


        • #19
          المشاركة الأصلية بواسطة العلويه عترة

          { عسى ربه ان طلقكن يبدله ازواجاً خيراً منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وابكارى}
          لقد ابتلي التشيع بمثل هؤلاء الحمقى النواعق
          الآية الصحيحة:


          عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا

          تعليق


          • #20
            ليس من عجب لترك المنتدى الكثير من الاعضاء المحترمين
            ومن الطبيعي أن يحل محلهم أمثال هؤلاء

            تعليق


            • #21


              (11) إن الذين جاؤوا بالافك بأبلغ ما يكون من الكذب عصبة منكم جماعة منكم لا تحسبوه شرا لكم استيناف والهاء للإفك بل هو خير لكم لاكتسابكم به الثواب العظيم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الاثم بقدر ما خاض فيه والذي تولى كبره معظمه منهم من الخائضين له عذاب عظيم.

              في الجوامع وكان سبب الإفك إن عايشة ضاع عقدها في غزوة بني المصطلق وكانت قد خرجت لقضاء حاجة فرجعت طالبة له وحمل هودجها على بعيرها ظنا منهم إنها فيها فلما عادت إلى الموضع وجدتهم قد رحلوا وكان صفوان من وراء الجيش فلما وصل إلى ذلك الموضع وعرفها أناخ بعيره حتى ركبته وهو يسوقه حتى أتى الجيش وقد نزلوا في قائم الظهيرة.

              قال كذا رواه الزهري عن عايشة.

              والقمي روت العامة إنها نزلت في عايشة وما رميت به في غزوة بني المصطلق من خزاعة.

              وأما الخاصة فإنهم رووا إنها نزلت في مارية القبطية وما رمتها به عايشة.

              ثم روي عن الباقر عليه السلام قال لما مات إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وآله حزن عليه رسول الله صلى الله عليه وآله حزنا شديدا فقالت له عايشة ما الذي يحزنك عليه فما هو إلا ابن جريح فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام وأمره بقتله فذهب علي عليه السلام إليه ومعه السيف وكان جريح القبطي في حايط فضرب علي باب البستان فأقبل إليه جريح ليفتح له الباب فلما رأى عليا عرف في وجهه الغضب فأدبر راجعا ولم يفتح باب البستان فوثب علي على الحائط ونزل إلى البستان واتبعه وولى جريح مدبرا فلما خشي أن يرهقه صعد في نخلة وصعد علي في أثره فلما دنا منه رمى بنفسه من فوق النخلة فبدت عورته فإذا ليس له ما للرجال ولا له ما للنساء فانصرف علي إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال له يا رسول الله إذا بعثتني في الأمر أكون فيه كالمسمار المحمي في الوبر أمضي على ذلك أم أثبت قال لا بل تثبت قال والذي بعثك بالحق ماله ما للرجال ولا له ما للنساء فقال الحمد لله الذي صرف عنا السوء أهل البيت وهذه الرواية أوردها القمي بعبارة أخرى في سورة الحجرات عند قوله تعالى إن جائكم فاسق بنبأ فتبينوا اوزاد فاتي به رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له ما شأنك يا جريح فقال يا رسول لله إن القبط يحبون حشمهم ومن يدخل إلى أهاليهم والقبطيون لا يأنسون إلا بالقبطيين فبعثني أبوها لأدخل إليها وأخدمها واونسها.

              أقول إن صح هذا الخبر فلعله صلى الله عليه وآله إنما بعث عليا إلى جريح ليظهر الحق ويصرف السوء وكان قد علم أنه لا يقتله ولم يكن يأمر بقتله بمجرد قول عايشة.

              يدل على هذا ما رواه القمي في سورة الحجرات عن الصادق عليه السلام إنه سئل كان رسول الله صلى الله عليه وآله أمر بقتل القبطي وقد علم أنها قد كذبت عليه أو لم يعلم وأنما دفع الله عن القبطي القتل بتثبت علي عليه السلام فقال بلى قد كان والله علم ولو كانت عزيمة من رسول الله صلى الله عليه وآله القتل ما رجع علي عليه السلام حتى يقتله ولكن إنما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله لترجع عن ذنبها فما رجعت ولا اشتد عليها قتل رجل مسلم بكذبها.

              (12) لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين كما يقول المستيقن المطلع على الحال وإنما عدل فيه من الخطاب إلى الغيبة مبالغة في التوبيخ وإشعارا بأن الأيمان يقتضي ظن الخير بالمؤمنين والكف عن الطعن فيهم وذب الطاعنين عنهم كما يذبونهم عن أنفسهم.

              (13) لولا جاؤوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون قيل استيناف أو هو من جملة المقول تقريرا لكونه كذبا فإن ما لا حجة عليه مكذب عند الله أي في حكمه ولذلك رتب عليه الحد.

              (14) ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة ولولا هذه لامتناع الشئ لوجود غيره والمعنى ولولا فضل الله عليكم في الدنيا بأنواع النعم التي من جملتها الإمهال للتوبة ورحمته في الآخرة بالعفو والمغفرة المقدرين لكم لمسكم عاجلا في ما أفضتم فيه خضتم فيه عذاب عظيم يستحقر دونه اللوم والجلد.

              (15) إذ تلقونه بألسنتكم يأخذه بعضكم عن بعض بالسؤال عنه وتقولون بأفواهكم بلا مساعدة من القلوب ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا سهلا لا تبعة له وهو عند الله عظيم في الوزر واستحرار العذاب فهذه ثلاثة آثام مترتبة علق بها مس العذاب العظيم.

              (16) ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا ما ينبغي وما يصح لنا أن نتكلم بهذا سبحانك تعجب ممن يقول ذلك فإن الله ينزه عند كل متعجب من أن يصعب عليه أو تنزيه لله من أن يكون حرمة نبيه صلى الله عليه وآله فاجرة فإن فجورها تنفير عنه بخلاف كفرها هذا بهتان عظيم لعظمته المبهوت عليه.

              (17) يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين فإن الأيمان يمنع عنه وفيه تهييج وتقريع.

              (18) ويبين الله لكم الآيات الدالة على الشرايع ومحاسن الآداب كي تتعظوا وتتأدبوا والله عليم بالأحوال كلها حكيم في تدابيره.

              (19) إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون.

              تعليق


              • #22
                وللفيض الكاشاني ايضا في تفسيره الصافي، سورة التحريم الآية 10:

                ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما بالنفاق والتظاهر على الرسولين مثل الله حال الكفار والمنافقين في أنهم يعاقبون بكفرهم ونفاقهم ولا يجابون بما بينهم وبين النبي (صلى الله عليه وآله) والمؤمنين من النسبة والوصلة بحال امرأة نوح وامرأة لوط وفيه تعريض بعائشة وحفصة في خيانتهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) بإفشاء سره ونفاقهما إياه وتظاهرهما عليه كما فعلت امرأتا الرسولين فلم يغنيا عنهما من الله شيئا فلن يغن الرسولان عنهما بحق الزواج اغناء ما وقيل لهما عند موتهما أو يوم القيامة ادخلا النار مع الداخلين الذين لا وصلة بينهم وبين الأنبياء.

                تعليق


                • #23


                  السيّد محمّد الحسيني الشيرازي(قدس سره)
                  (1347ﻫ ـ 1422ﻫ)

                  تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان، ج‏5، ص: 459
                  طبعة دار العلوم في قم 1424

                  [سورة التحريم (66) : آية 10]
                  ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَ امْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَ قِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10)
                  [11] ثم جاء السياق ليضرب مثلا لأزواج الرسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم مبينا أن صلاح الزوج لا ينفع الزوجة إذا كانت منحرفة، كما أن فساد الزوج لا يضر الزوجة إذا كانت مستقيمة، منقادة، على طاعة الرسول وعدم الهوى في مهوى العصيان والمخالفة ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا مبينا لهم أن صلاح أصحابهم و ذويهم لا ينفعهم امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ فقد كانَتا تَحْتَ إدارة وعيلولة عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا هما نوح و لوط صالِحَيْنِ فهما رسولان من قبل اللّه سبحانه و أي صلاح أشد من ذلك فَخانَتاهُما خيانة في الدين، إذ كانتا تنافقان وتؤذيان زوجيهما.
                  فَلَمْ يُغْنِيا أي لم ينفع نوح ولوط عَنْهُما أي عن الزوجتين مِنْ عذاب اللَّهِ شَيْئاً بأن يخفف عنهما، ولو بعض العذاب وَقِيلَ للزوجتين حين ماتتا ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ فيها، فهما معذبتان مع كونهما زوجتا نبيين، وفي هذا تعريض بعائشة وحفصة اللتين آذتا الرسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم.

                  الملفات المرفقة

                  تعليق


                  • #24
                    السيّد محمّد الحسيني الشيرازي


                    تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان، ج‏3، ص: 684 - 689
                    طبعة دار العلوم في قم 1424
                    سورة النور ، الآيات 11 - 20

                    [سورة النور (24) : آية 11]
                    إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ (11)


                    [12] وبمناسبة ذكر الحد على القاذف يذكر القرآن الحكيم قصة «الإفك» الذي رمي به إحدى زوجتي النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم «مارية» أو «عائشة» فقد نسب الخاصة القصة إلى «مارية». ونسب العامة القصة إلى «عائشة» والقصة هي:
                    قال الإمام الباقر عليه السّلام: لما هلك إبراهيم ابن رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم حزن رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم حزنا شديدا، فقالت له عائشة، ما الذي يحزنك عليه؟ فما هو إلا ابن جريح فبعث رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم عليا عليه السّلام وأمره بقتله، فذهب علي عليه السّلام إليه، ومعه السيف وكان جريح القبطي في حائط، فضرب علي باب البستان، فأقبل إليه جريح ليفتح له الباب، فلما رأى عليا، عرف في وجهه الغضب، فأدبر راجعا، ولم يفتح باب البستان، فوثب علي عليه السّلام الحائط ونزل إلى البستان واتبعه، وولى جريح مدبرا فلما خشي أن يرهقه صعد في نخلة، وصعد علي عليه السّلام في أثره، فلما دنى منه رمى بنفسه من فوق النخلة، فبدت عورته، فإذا ليس له ما للرجال ولا للنساء فانصرف علي عليه السّلام إلى النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فقال له: يا رسول الله إذا بعثتني في الأمر أكون فيه كالمسمار المحمي في الوبر، أمضي على ذلك أم أثبت؟ فقال: لا تثبت، قال عليه السّلام: والذي بعثك بالحق ما له ما للرجال وما له ما للنساء، فقال: الحمد لله الذي صرف عنا السوء أهل البيت‏ [بحار الأنوار: ج 22 ص 155].
                    وفي حديث آخر فأتى به رسول الله، فقال له: ما شأنك يا جريح؟ فقال: يا رسول الله إن القبط يحبون حشمهم، ومن يدخل إلى أهليهم والقبطيون لا يأنسون إلا بالقبطيين‏ فبعثني أبوها لأدخل إليها وأخدمها وأؤنسها.
                    أقول: ولقد كان بعث الإمام‏ على هذا ليتبين الأمر وإن كان بصورة إن يقتل جريح،

                    أما ما ذكره العامة، فقد قال في الجوامع: إن سبب الإفك، إن عائشة ضاع عقدها، في غزوة بني المصطلق، وكانت قد خرجت لقضاء حاجة فرجعت طالبة له، وحمل هودجها على بعيرها ظنا منهم أنها فيها، فلما عادت إلى الموضع، وجدتهم قد رحلوا وكان صفوان من وراء الجيش، فلما وصل إلى ذلك الموضع وعرفها أناخ بعيره حتى ركبته، وهو يسوقه حتى أتى الجيش، وقد نزلوا في قائم الظهيرة.
                    أقول: وهناك نسب المنافقون إلى عائشة وصفوان الإثم و أخذوا يبثونه، وقد أطال العامة في الحديث، لكن الغالب أن طرقه غير صحيحة، ومن المحتمل وقوع الأمرين كما في كثير من الآيات القرآنية التي يتعدد سبب نزولها

                    إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ‏ أي بالكذب العظيم الذي قلب وجه الحقيقة، ويقال للكذب الإفك، لأنه يقلب الحقيقة إلى غير واقعه، وأصل الإفك القلب، ولذا قيل لمدائن لوط «مؤتفكات» لأنها قلبت ظهر البطن‏ عُصْبَةٌ أي جماعة مِنْكُمْ‏ أيها المسلمون، ولعل الإتيان بهذه الخصوصية، لإفادة أن الإفك، إنما كان وليد جماعة ذات هدف واحد، فليس كلاما قاله مغرض وإنما حركة مقصودة ضد الرسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فليعرف المسلمون تلك العصبة وليطلعوا على نواياهم‏ لا تَحْسَبُوهُ‏ أيها المسلمون‏ شَرًّا لَكُمْ‏ يذهب بشرفكم ورفعة مقامكم وطهارتكم‏ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ‏ إذ يوجب‏ الأجر، ومعرفة المنافقين وتمرين الأمة على الصعوبات كما قال الشاعر:
                    جزى الله النوائب كل خير**و إن جرعنني غصص بريقي‏

                    أهاجتني زمانا كي تريني‏ **على ملأ عدوي من صديقي‏
                    لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ‏ أي من تلك العصبة التي جاءت بالإفك‏ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ‏ قدر ما خاض في الحديث حول المرأة البريئة «مارية» وَالَّذِي تَوَلَّى‏ أي تحمل‏ كِبْرَهُ‏ أي القسط الأكبر مِنْهُمْ‏ أي من العصبة لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ‏ أي هو الذي أذاعه وأشاعه وأظهره للمجتمع.


                    [سورة النور (24): آية 12]
                    لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَ قالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ (12)


                    [13] ثم عاتب الله سبحانه المسلمين الذين خاضوا في الحديث بدون دراية ومعرفة، وإنما تفكها و حديثا لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ‏ «لو لا» للردع، أي هلّا حين سمعتم الإفك من القائلين المغرضين‏ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً فإن مارية وجريح كانا من نفس المؤمنين والمؤمنات بأنفسهم خيرا فإن مارية وجريح كانا من نفس المؤمنين والمؤمنات، ولم يكونا خارجين عن دينهم، والمراد ظنوا بها خيرا، قال الشاعر:
                    قومي هم قتلوا أميم أخي‏ ** فإذا رميت يصيبني سهمي‏
                    وَقالُوا حين سمعوا الخبر هذا إِفْكٌ‏ أي كذب‏ مُبِينٌ‏ ظاهر أي لماذا لم يقولوا هكذا؟


                    [سورة النور (24): الآيات 13 الى 15]
                    لَوْ لا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكاذِبُونَ (13) وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ (14) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَ تَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَ تَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَ هُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15)


                    [14] لَوْ لا جاؤُ أي هلّا جاءت العصبة القاذفة عَلَيْهِ‏ أي على الإفك الذي قذفوا مارية به‏ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ كما هو التشريع أن يأتي القاذف بأربعة شهود فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ أي حين لم يكن لهم شهيد يشهد بصدقهم‏ فَأُولئِكَ‏ الذين صنعوا هذا الإفك‏ عِنْدَ اللَّهِ‏ في حكمه‏ هُمُ الْكاذِبُونَ‏ لأن القاذف يرمى بالكذب حتى يقيم الشهود.
                    [15] وَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ‏ أيها المسلمون‏ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ بأن أمهلكم للتوبة، ولم يعاجلكم بالعقوبة لَمَسَّكُمْ‏ أي أصابكم‏ فِيما أَفَضْتُمْ‏ أي خضتم‏ فِيهِ‏ من الإفك، والإفاضة في الشي‏ء الدخول فيه‏ عَذابٌ عَظِيمٌ‏ مؤلم شديد، إذ الإفك كان كبيرا حيث إنه وقيعة في بيت النبي وشرفه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم مما يوهن طهارة الرسالة في نظر الناس، فيقول الكفار والمنافقون كيف يأمر النبي بالطهارة، وزوجته على ما هي عليه؟
                    [16] إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ‏ أصله «تتلقونه» حذف إحدى التاءين على القاعدة، فيما إذا اجتمع في أول المضارع تاءان، والمراد تلقي بعضكم هذا الإفك عن بعض بالسؤال عنه وجاء «بألسنتكم» ليوضح، إن التلقي‏ لم يكن بمعناه المتعارف، وهو أخذ الشي‏ء باليد ونحوها وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ‏ جمع فم‏ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ‏ إذ لم تكونوا تعلمون ذلك، ومع ذلك كنتم تتكلمون حوله‏ وَتَحْسَبُونَهُ‏ أي تظنون ذلك‏ هَيِّناً سهلا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ‏ في الوزر، لأنه كذب وافتراء وهتك عرض، وإشاعة فاحشة.


                    [سورة النور (24): الآيات 16 الى 18]
                    وَلَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ (16) يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (17) وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18)


                    [17] وَلَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ‏ أي هلّا، إذ سمعتم هذا الإفك‏ قُلْتُمْ‏ لمن قاله‏ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا الحديث، أي لا يحل لنا أن نخوض في هذا الأمر سُبْحانَكَ‏ ربنا هذا الذي قالوه‏ بُهْتانٌ عَظِيمٌ‏ أي كذب وافتراء عظيم عقابه، وقوله «سبحانك» لفظ يطلقه الإنسان لدى التعجب و الاستغراب من أمر.
                    [18] يَعِظُكُمُ اللَّهُ‏ أيها المسلمون‏ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ‏ أي لئلا تعودوا لمثل هذا الإفك، أو كراهة أن تعودوا أَبَداً أي إلى الأبد، طيلة أعماركم‏ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ‏ مصدقين بالله والرسول والمعاد والدين.
                    [19] وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ‏ أيها المسلمون‏ الْآياتِ‏ الدالة على أوامره ونواهيه‏ وَاللَّهُ عَلِيمٌ‏ بما يصدر منكم‏ حَكِيمٌ‏ فيما يأمركم‏ و ينهاكم، فإنها طبق الصلاح و الحكمة.


                    [سورة النور (24): الآيات 19 الى 20]
                    إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (19) وَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَ أَنَّ اللَّهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (20)


                    [20] إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ أي تنتشر و تظهر الصفة الفاحشة، من فحش بمعنى تعدى تسمى المعصية الكبيرة فاحشة، لأنها تتجاوز الحد كثيرا وإن كان كل عصيان يتجاوز الحد المقرر، وهل المراد بـ «يحبون» مجرد الميل القلبي حتى يكون لهذا الميل إثم، أو هو كناية عن القيام بالإشاعة لما سبق من أن كلا من الفعل و الإرادة يستعمل في الآخر فِي الَّذِينَ آمَنُوا أي بالنسبة إليهم، بأن يقذفوهم بها، أو يوسعون دائرة القذف، صدقا كان أم كذبا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ‏ أي مؤلم موجع‏ فِي الدُّنْيا بالجلد والتعزير وَالْآخِرَةِ بالنار والنكال‏ وَاللَّهُ يَعْلَمُ‏ مضار إشاعة الفاحشة، وما فيها من العقاب والنكال‏ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ‏ فلا تفعلوا ما لا تعلمون إضراره و عقوباته.
                    [21] وَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ‏ أيها المسلمون حيث عفى عنكم، عن هذه الجريمة، ولم يعاجلكم بالعقاب وأمهلكم لتتوبوا وَأَنَّ اللَّهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ‏ بكم، لأخذكم العذاب في هذه النسبة التي نسبتموها إلى مارية زوجة النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وقد حذف جواب «لو لا» تهويلا، كما تقدم.

                    تعليق


                    • #25
                      السيّد محمّد الحسيني الشيرازي

                      تبيين القرآن، ج‏3، ص: 313
                      دار العلوم، بيروت 1423
                      سورة التحريم

                      ضرب الله مثلًا لبيان أنه كيف أنه يعاقب الكافر بكفره‏ للذين كفروا امرأت نوح وامرأت لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما بالكفرفلم يغنيا لم يفد نوح ولوط عنهما عن الزوجتين‏ من‏ عذاب‏ الله شيئاً فلم يتمكنا أن يدفعا عنهما ولو بعض العذاب، فلا قربهما من النبي أفادهما، ولا تمكن النبي من شفاعتهما وقيل‏ لهما ادخلا النار في عالم البرزخ، قبل نار الآخرة مع الداخلين‏ سائر الكفار والعصاة.



                      تقريب القرآن إلى الأذهان، ج‏2، ص: 206
                      سورة الاعراف

                      [سورة الأعراف (7): الآيات 82 الى 84]
                      وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ (82) فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ (83) وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (84)
                      أنه كذلك عندنا، بعد أربعة أشهر بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ‏ متجاوزون في الظلم والفساد، فإن الإسراف بمعنى التجاوز.
                      [83] وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ‏ أي جواب القوم للوط عليه السّلام الذي كان ينهاهم عن اللواط إِلَّا أَنْ قالُوا أي قال بعضهم لبعض‏ أَخْرِجُوهُمْ‏ أي أخرجوا لوطا و أهله‏ مِنْ قَرْيَتِكُمْ‏ أي مدينتكم، وهي «سدوم» إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ‏ أي يتحرّجون عن هذا العمل، من أجل الطهارة و النزاهة.
                      [84] فَأَنْجَيْناهُ‏ أي خلصنا لوطا وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ‏ من العذاب النازل بقومه، حيث أمرناهم بالسير و الفرار من المدينة، ففروا جميعا إلا زوجته‏ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ‏ أي الباقين في قومه المتخلفين عن لوط، وإنما بقيت وهلكت لأنها كانت على طريقتهم، كما قال سبحانه في آية أخرى: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما، إذ لم تؤمنا بما آمن به زوجيهما.
                      [85] وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً أي أرسلنا عليهم الحجارة كالمطر، كما قال‏ تعالى في آية أخرى: وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ‏، ثم قلبت مدينتهم حتى جعل عاليها سافلها فَانْظُرْ أي فاعلم يا رسول الله، أو أيها الناظر كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ‏ المرتكبين للسيئات.

                      تعليق


                      • #26


                        السيد صادق الشيرازي

                        أجوبة المسائل العقائدية ص 141
                        الطبعة 1 قم 1425

                        س: هل عائشة خانت الرسول بالفحشاء والعياذ بالله؟

                        ج: قال الله في القرآن الحكيم: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا.
                        وفسّره المفسرون الخيانة في الدين، وليس بالفحشاء والعياذ بالله.


                        الملفات المرفقة

                        تعليق


                        • #27
                          الملا صالح‏ المازندراني
                          شرح اصول الكافي ج10 ص106

                          (فقال لي: قد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) تزوج) أي تزوج عائشة وحفصة وفعلتا بالنفاق واستبطان الكفر وعدم الإخلاص له (صلى الله عليه وآله) ما فعلتا وآذتاه بما غاظه وكرهه كما هو المذكور في القرآن الكريم.
                          (وقد كان من امرأة نوح وامرأة لوط ما قد كان أنهما قد كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين) ذم الله عزوجل المرأتين المذكورتين ومثّل حالهما بحال امرأة نوح وامرأة لوط في أنهما بالنفاق واستبطان الكفر وعدم الإخلاص كفرتا وخرجتا عن الدين فلم يغن نوح ولوط عنهما من عذاب الله شيئا من الاغناء بحق الزواج حتى يقال لهما عند الموت أو في القيامة: ادخلا النار مع سائر الداخلين من الكفرة الذين لا وصلة بينهم وبين الأنبياء، قال المفسرون فيه إشارة إلى أن سبب القرب والرجحان عند الله تعالى ليس إلا الصلاح كائنا من كان وخيانة المرأتين ليست هي الفجور وإنما هي نفاقهما وابطانهما الكفر وتظاهرهما على الرسولين فامرأة نوح قالت لقومه أنه مجنون وامرأة لوط دلت قومه على ضيفانه، وليس المراد بالخيانة البغى والزنا إذ ما زنت امرأة نبي قط، وذلك هو المراد بقوله (عليه السلام) : (ما ترى من الخيانة في قول الله عزوجل (فخانتاهما) ما يعني بذلك إلا الفاحشة) هي كلما يشتد قبحه من الذنوب والمعاصي والمراد بها هنا النفاق والمخالفة والكفر، وفيه رد لقول زرارة وهي مقرة بحكمه مقرة بدينه إذ علاقة الزوجية لا تستلزم ذلك..

                          تعليق


                          • #28


                            بسم الله الرحمن الرحيم

                            لقد ارتفعت ولا تزال راية الجدل بين المذاهب الاسلامية في شأن زوجات الرسول - صلى الله عليه وآله - فاختلفوا الى ثلاثة آراء رئيسية:
                            الاول: أضفى عليهن مسحة من العصمة متابعة لبعض النصوص ، كقول الله : "النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم وازواجه امهاتهم" (الاحزاب / 6)، و كونهن مشمولات باية التطهير واخبار وردت، ولأنهن زوجات افضل خلق الله - صلى الله عليه وآله - الذي لا يعقلان يختار لنفسه من الزوجات الا خير النساء، وقد دعمت هذا الرأي اعتبارات مذهبية اخرى.
                            الثاني: وتطرف فريق الى حد الطعن فيهن لدوافع مصلحية او مذهبية، كالمنافقين الذين نالوا بالإفـك والبهتان من بعض زوجات الرسول - صلى الله عليه و آله - .
                            الثالث: وبين هذا وذلك اخذ فريق سبيلا وسطا، فلا تبرير للأخطاء، ولا تضخيم لها: ولكي يصل الباحث الى الرأي الموضوعي لابد ان يدرس أمرين اساسيين:
                            احدهما: تاريخ زوجات الرسول - صلى الله عليه وآله - دراسة موضوعية، والآخر: موقف القرآن عبر دراسة شاملة لكل ما أوردته آياته في الموضوع، ولكن بما ان في التاريخ اختلافا وتزويرا فان القرآن يبقى هو الميزان الثابت والفرقان الاعظم وبالخصوص في القضايا الحساسة كالموقف من زوجات سيد الرسل - صلى الله عليه و آله - ، فما هو موقف القرآن؟
                            لقد سجلت الآيات القرآنية موقف الرسالة الالهية في هذه القضية، ويكفينا ان نعرض هنا ما جاءت به سورة التحريم التي يبدو انها تحدثنا فيما تحدثنا عن هذا الموضوع كخط عام لاياتها.
                            1 - ففي البداية تبين ان الرسول - صلى الله عليه وآله - كان يتعرض للضغط من قبل بعـض ازواجه ، حتى يضطر في بعض الاحيان ان يحرم على نفسه ما احله الله له، فيضيق عليها طمعا في مرضاتهن (الايات 1 / 2)، وهاتان الآيتان تعريض ببعض زوجات الرسول وليس به- صلى الله عليه وآله - .
                            2 - ان اثنتين منهن خانتا النبي بإفشاء بعض ما أفضى اليهما من الاسرار (الاية 3).
                            3 - انهن او بعضهن كمن يملن عن الحق في بعض الاحيان (تصغي قلوبهن) ويمكن ان يتبن عن ذلك الى الله، كما يمكن ان يتمادين في الميل الى حد المظاهرة ضد - الرسول - صلى الله عليه وآله - ، وبالتالي الوقوف ضد جبهة الحق التي مثلها الله، وأمين وحيه (جبرئيل)، وخيرة المؤمنين، والملائكة الذين ينصرون النبي (الاية 4).
                            4 - ان نساء النبي لسن أفضل النساء على الاطلاق، فهو لو طلقهن فقد يجد خيرا منهن بين الناس ممن جمعت فيهن بصورة أفضل صفات الخير والفضيلة كالاسلام والايمان والقنوت والتوبة والعبادة والسياحة، (الاية 5).
                            5 - ويفصل القرآن بين الزوج وزوجته في التقييم، لان قيمة كل انسان ما يحسنه هو لا ما يحسنه الآخرون مهما كانت الرابطة بينه وبينهم قريبة وحميمة، كما ان مقياس القبح هو ما يقوم به الفرد من السيئات لا ما يقوم به الاخرون مهما قربوا منه، اذن فالتقييم الموضوعي الدقيق لأي أحد بتقييمه كفرد منقطع عن اي أحد، وهذا ما يجعل زوجتي نوح ولوط مثلا للكفار فتدخلان النار لا فرق بينهما وبين سائر الناس عند الله من جهة، ومن جهة أخرى نفس هذه الحقيقة هي التي تجعل آسية بنت مزاحم زوجة فرعون الذي ادعى الربوبية مثلا للمؤمنين عبر التاريخ، وكذلك مريم التي احصنت فرجها وصدقت بكلمات الله وكتبه وقنتت له مع القانتين (الايات 10، 11، 12).
                            6 - وهكذا كانت سورة التحريم تدور حول علاقة الزوج بزوجته حيث ينبغي ان تكون وفق المقاييس الالهية، فلا يجوز لاحد ان يقيم الزوجة على اساس زوجها سلبا او ايجابا، فقد كانتا زوجتا لوط ونوح خائنتين وكانت آسية صالحة .. ولا يجوز للمرأة انى كانت ان تنشر أسرار البيت خارجه.
                            وهكذا تتواصل آيات سورة التحريم لتكمل بصائر آيات سورة الطلاق في مراعاة التقوى في سائر ابعاد الحياة الزوجية.
                            ....
                            [3] ويكشف لنا الوحي بعد الكلام عن حادث التحريم الذي جاء نتيجة ضغوط بعض ازواج النبي عن صورة اخرى سلبية من تعاملهن معه - صلى الله عليه وآله - حيث يفشين اسراره الى الاخرين. الامر الذي ينطوي على خيانتين: خيانة له كزوج فالزوجة المخلصة يجب ان تكون مستودع سر زوجها ولا يليق بها اشاعته لاحد مهما كان قرابته ومكانته، وخيانة له كنبي وقائد للامة.
                            [واذ أسر النبي الى بعض أزواجه حديثا]
                            قيل انه تحريم مارية على نفسه، وقيل انه تحدث عن التيارات السياسية والاجتماعية التي كانت في الامة، وعن مستقبل السلطة السياسية فيها، وهو الاقرب والأهم، لان تحريم مارية لم يكن في الخفاء، ولا يحتاج الكلام عن افشاء هكذا حديث الى التأكيد على مظاهرة الله والملائكة وصالح المؤمنين للنبي. وفي مجمع البيان قال العلامة الطبرسي (رض) : ولما حرم مارية القبطية اخبر حفصة انه يملك من بعده ابو بكر وعمر(مجمع البيان / ج 10 عند الاية).
                            [فلما نبأت به]
                            قيل ان كلا من حفصة وعائشة اخبرتا ابواهما بالامر، اما بسبب العلاقات العاطفية المتينة بين البنت وابيها، او لحب التظاهر بالحضوة عند الرسول، وهذان من اوسع الابواب التي تخرج منها اسرار الانسان الى الآخرين. واذا كان الانباء باسرار النبي يتم بعيدا عن سمعه ونظره فانه لن يكون بعيدا عن رقابة الله الذي اخبر رسوله بالأمر.
                            [وأظهره الله عليه]
                            اي كشف له ان هذه الزوجة لم تصن سره.
                            ....
                            [فلما نبأها به قالت من انبأك هذا]
                            ولعلها حينئذ كانت مرتابة في ان من اطلعته على السر هو الذي اخبر النبي - صلى الله عليه وآله - وغاب عن بالها وايمانها انه متصل بالوحي ومؤيد من عند الله سبحانه، فاجابها - صلى الله عليه وآله - :
                            [قال نبأني العليم الخبير]
                            الذي يحيط بكل شيء. وموقف الرسول - صلى الله عليه وآله - تجاه زوجته التي اذاعت سره ينبغي ان يدرسه كل زوج قائد، ويتخذه منهجا في امثال تلك المواقف وظروفها.
                            [4] ويؤكد القرآن ان ما حدث من اثنتين من نسائه كان زيغا عن الحق وميلا الى الباطل، وانه بالتالي يحتاج الى الاصلاح والتوبة.
                            [ان تتوبا الى الله فقد صغت قلوبكما]
                            اي انكما تحتاجان الى غسل دون الانحراف، واصلاح الخطأ بالتوبة الى الله والاعتذار من الرسول - صلى الله عليه وآله - لان قلوبكما قد صغت اي مالت، واصغى سمعه لفلان اي مال به الى كلامه. وتأكيد الله على انحراف القلب يبين ان ما حدث لم يكن خطأ عابرا، انما هو انحراف له جذور تمتد الى اعماق القلب، بلى. ان كشف اسرار النبي ليس الا علامة على انحراف داخلي في الجذور، وهكذا الكثير من مواقف وسلوكيات الانسان الخاطئة. انها مرة تكون سطحية واخرى جذرية.
                            ويحذر الله الاثنتين من انهما لو رفضتا التوبة وتماديا في التظاهر ضد الرسول - صلى الله عليه وآله - فان العاقبة ستكون للخط الرسالي السليم لانه مدعوم بقوة لا تقهر.
                            ....
                            [والملائكة بعد ذلك ظهير]
                            قال ابن عباس: سألت عمر بن الخطاب عن اللتان تظاهرتا على رسول الله - صلى الله عليه وآله -؟ فقال: حفصة وعائشة. اورده البخاري في الصحيح (مجمع البيان / ج 10 عند الاية).
                            ....
                            [10] وبمناسبة الحديث عن زوجات الرسول الذي يحدد لنا سياق هذه السورة الموقف السليم منهن تأتي الآيات الثلاث الاخيرة لتؤكد على حقيقة هامة يجب الالتفات اليها في تقييم الناس، وهي ان قيمة كل انسان باعماله ومواقفه هو صالحة او فاسدة، بغض النظر عمن حوله ومن ينتمي اليه. اذن لا يصح ان نفسر التاريخ والقران والمواقف تفسيرا تبريريا توفيقيا عند الحديث عن اخطاء اقرباء الانبياء نسبا او صحابة او زواجا لان ذلك يجعلنا في غموض، فقد يكون اقرب الناس الى نبي من الانبياء مثلا للكفار كزوجتي نوح ولوط - عليهما السلام - ، بينما يصبح اقرب الناس الى بؤر الانحراف امثال فرعون والبيئات الفاسدة مثلا للمؤمنين كآسية بنت مزاحم ومريم ابنة عمران، دون ان يكون في ذلك اساءة الى الانبياء والصالحين ولا احسان الى المنحرفين الذين ينتمي اليهم كلا المثلين.
                            [ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأت نوح و امرأت لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا]
                            لان الشفيع الحقيقي للانسان عمله الصالح لا القرابات ولو كانت من الانبياء والاولياء، واعمالهما كانت سيئة لما انطوت عليه من خيانة لزوجيهما باذاعة السر والتظاهر لجبهة الكفر (1) وخيانة للرسالة والقيم التي جاءا بهما، فما نفعتهما القرابات وما بقي لهما شيء يتميزان به عن الناس، فالقرابة وحدها ليست ذات قيمة عند الله انما العمل، بل ان انتماء الانسان الى اي شخص او أية جبهة لا يقاس بالحسابات المادية كالمسافة والنسب انما بنوع العمل، وانتماء هاتين الزوجتين كان الى جبهة الكفار في الدنيا واهل النار في الاخرة لتجانس الاعمال لذلك لم يغني عنهما نوح ولوط شيئا.

                            (1) في المجمع ج 10 قال ابن عباس: كانت امراة نوح كافرة تقول للناس انه مجنون، واذا آمن بنوح احد اخبرت الجبابرة من قوم نوح به، وكانت امراة لوط تدل على اضيافه.

                            [وقيل ادخلا النار مع الداخلين]
                            وقد اعتبر الله هاتين المرءاتين مثلا للذين كفروا لانهما كان يفترض ان تكونا قمة في الايمان حيث كانت تحت عبدين صالحين من الانبياء، الا انهما اختارتا الكفر بدل الايمان رغم الظروف المساعدة، وهذا المثل يهدينا الى ان سعي المؤمنين لوقاية اهليهم من النار ليس بالضرورة ان يؤدي الى نتيجة ايجابية، وانه من الخطا تقييم احد كالانبياء من خلال زوجاتهم ومن حولهم، انما التقييم السليم يكون عبر اعمالهم ورسالتهم.
                            ولنا في الاية وقفة عند كلمة الخيانة فهي - كما اعتقد - خيانة بالمقياس الرسالي اي خيانة لحركة الرسول ومبادئه، وليس كما قد يتقول البعض لما فيه من عقد جنسية او لاعتماده على الاسرائيليات بانها خيانة جنسية، كلا .. انها خيانة في رسالة النبي بدليلين:
                            الاول: بدلالة السياق، فقد وقع الحديث عن الخيانة في سياق الحديث عن افشاء السر من قبل زوجات النبي، وحينما تكلم عن زوجتي نوح ولوط ضربهما مثلا للجبهة المضادة للحق "الذين كفروا"، ولو كانت الخيانة جنسية لضربهم مثلا للذين فسدوا او مثلا للزناة.
                            الثاني: لان تفسير الخيانة هنا بالخيانة الزوجية ليس يمس زوجات الانبياء وحسب بل يمس الانبياء انفسهم ويصور بيوتهم محلا للفاحشة والدعارة، حاشا الانبياء - عليهم السلام - (وهذا ما سعى اليه الكاتب الضال سلمان رشدي في احد فصول كتابه: (الايات الشيطانية).

                            [11 - 12] ويضرب الله مثلا معاكسا للذين امنوا، احدهما من بيت فرعون الطاغية، والاخر من بيئة بني اسرائيل المنحرفة مريم بنت عمران.
                            ....
                            وهذه الايات الثلاث تهدينا الى حقيقة رئيسية هي ان الانسان قادر على الاستقلال بارادته وقراره وعمله مهما كانت الظروف مساعدة او معاكسة لما يختاره لنفسه، فالكفر والايمان يبدآن من داخل الانسان وليس من الظروف والعوامل المحيطة، وبالتالي يمكن القول ان هذه الآيات بما ضربته من الامثال تنسف الفلسفات الضالة القائمة على اساس الايمان بالحتميات اقتصادية او اجتماعية او وراثية او .. او .. فيما يتصل بقرار الايمان والكفر في حياة الانسان، فهذه اسية بنت مزاحم ومريم ابنة عمران تحديتا الظروف والضغوط وامنتا بالله، بينما كفرت زوجة نوح ولوط رغم العوامل الايجابية والمساعدة على الايمان، واذا كانت هذه البصيرة صادقة في المراة فان صدقها بالنسبة الى الرجل اوضح واجلى اليست المراة ضعيفة امام الرجل؟

                            تعليق


                            • #29
                              المشاركة الأصلية بواسطة alyatem
                              ليس من عجب لترك المنتدى الكثير من الاعضاء المحترمين
                              ومن الطبيعي أن يحل محلهم أمثال هؤلاء
                              السلام عليكم
                              كان لزاما الاكتفاء بطلب تحرير كل مشاركات العلوية عترة دون الخوض في سجال معه

                              لقد تم تحرير كل المشاركات محل النزاع اولسجال والسباب
                              وارجو ان لا يتكرر ذلك والاكتفاء بالشكوى دون التعجل فالمشرفين ليسوا على مدى 24 ساعة متواجدين

                              تعليق


                              • #30
                                المشاركة الأصلية بواسطة م9
                                السلام عليكم
                                كان لزاما الاكتفاء بطلب تحرير كل مشاركات العلوية عترة دون الخوض في سجال معه

                                لقد تم تحرير كل المشاركات محل النزاع اولسجال والسباب
                                وارجو ان لا يتكرر ذلك والاكتفاء بالشكوى دون التعجل فالمشرفين ليسوا على مدى 24 ساعة متواجدين
                                وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته
                                صحيح ما تفضلتم به وسببه هوالاستفزاز مضافا الى الضغط في اعداد الموضوع والتأكد من مصادره قبل ادراج المعلومة
                                بالنسبة لقولي:

                                ليس من عجب لترك المنتدى الكثير من الاعضاء المحترمين
                                ومن الطبيعي أن يحل محلهم أمثال هؤلاء
                                لم يكن موجها للادارة والمشرفين
                                لكن الطريقة الاستفزازية التي هوجم بها الموضوع هي نفسها يتبعها البعض وخصوصا المخالفين في استفزاز المحاورين في مواضيعهم وحتى التي تخص الشأن الشيعي، وقد تكونوا لاحظتم المستوى الثقافي لمن كان يرد، فهذا هو يجبر المحاور لعدم الاستمرار بالكتابة!
                                وفقكم الله تعالى لكل خير

                                تعليق

                                المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                                حفظ-تلقائي
                                x

                                رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                                صورة التسجيل تحديث الصورة

                                اقرأ في منتديات يا حسين

                                تقليص

                                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                                أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 10-08-2015, 10:24 PM
                                ردود 23
                                3,128 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة وهج الإيمان
                                بواسطة وهج الإيمان
                                 
                                يعمل...
                                X