{يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْراً لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }التوبة74
.................................................. ....
نقلا عن كتاب اغتيال الرسول ص للمؤلف نجاح الطائي
.................................................. ..........................
وقد جاء: لما رجع رسول الله قافلا من تبوك إلى المدينة، حتى إذا كان
( ببعض الطريق، مكر به ناس من أصحابه، وتآمروا أن يطرحوه في العقبة ( ٢
وأرادوا أن يسلكوها معه لهذه الغاية، فأخبر رسول الله خبرهم، فقال
لأصحابه من شاء منكم أن يأخذ بطن الوادي فإنه أوسع لكم.
فأخذ النبي (صلى الله عليه وآله) العقبة، وأخذ الناس بطن الوادي إلا النفر الذين
أرادوا المكر به، فقد استعدوا وتلثموا، وأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) حذيفة بن
اليمان وعمار بن ياسر فمشيا معه مشيا، وأمر عمارا أن يأخذ بزمام الناقة،
وحذيفة يسوقها، فبينما هم يسيرون، إذ سمعوا وكزة القوم من ورائهم، قد
غشوهم.
فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأمر حذيفة أن يراهم، ويتعرف عليهم،
فرجع ومعه محجن، فاستقبل وجوه رواحلهم، وضربها بالمحجن، وأبصر
القوم وهم متلثمون، فأرعبوا حين أبصروا حذيفة، وظنوا أن مكرهم قد
ظهر، فاسرعوا حتى خالطوا الناس.
وأقبل حذيفة حتى أدرك رسول الله، فلما أدركه، قال (صلى الله عليه وآله): اضرب
الناقة يا حذيفة، وامش أنت يا عمار، فاسرعوا وخرجوا من العقبة، ينتظرون
____________________
١) أنظر كتاب السقيفة، لعبد الفتاح، والسقيفة للمؤلف. )
٢) العقبة: مرقى صعب من الجبال، والطريق في أعلاها، والجمع عقاب وعقبات وواحدة العقب. أقرب )
.٨٠٧ / الموارد ٢
(٥٨)
الناس.
فقال النبي (صلى الله عليه وآله) يا حذيفة هل عرفت أحدا منهم؟
فقال: عرفت راحلة فلان وفلان، وكانت ظلمة الليل قد غشيتهم وهم
متلثمون.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هل عرفت ما شأنهم وما يريدون؟
قال: لا يا رسول الله.
قال (صلى الله عليه وآله): فإنهم فكروا أن يسيروا معي، حتى إذا صرت في العقبة
طرحوني فيها!
فقال: أفلا ترأف بهم إذا جاءك الناس.
قال: أكره أن يتحدث الناس، ويقولوا: إن محمدا قتل أصحابه، ثم
.( سماهم بأسمائهم ( ١
وفي كتاب أبان بن عثمان بن عفان، قال الأعمش: وكانوا اثني عشر،
سبعة من قريش.
وقال أبو البختري، قال حذيفة:
لو حدثتكم بحديث لكذبني ثلاثة أثلاثكم.
فقال: ففطن له شاب، فقال: من يصدقك إذا كذبك ثلاثة أثلاثنا!
فقال: إن أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) كانوا يسألون رسول الله (صلى الله عليه
وآله) عن الخير، وكنت
____________________
١٤٣ طبعة دار إحياء التراث العربي - بيروت، ودلائل النبوة لأبي بكر أحمد البيهقي / ١) السيرة الحلبية ٣ )
٢٦٢ طبع دار الكتب العلمية - بيروت، وأخرجه مسلم في ص ٥٠ كتاب صفات المنافقين - ٢٦٠ / ٥ *
وأحكامهم، كتاب أبان بن عثمان.
(٥٩)
http://www.ShiaOnlineLibrary.com
أسأله عن الشر.
قال: فقيل له: ما حملك على ذلك؟
.( فقال: إنه من اعترف بالشر، وقع في الخير ( ١
وقال الحسن بن علي (عليه السلام): " يوم أوقفوا الرسول (صلى الله عليه وآله) في العقبة
.( ليستنفروا ناقته كانوا اثني عشر رجلا منهم أبو سفيان " ( ٢
وذكر ابن عبد البر الأندلسي في كتابه الاستيعاب: كان أبو سفيان كهفا
.( للمنافقين منذ أسلم ( ٣
وجاء أيضا: " لدى العودة تآمر ١٢ منافقا ثمانية منهم من قريش،
والباقي من أهل المدينة، لاغتيال الرسول (صلى الله عليه وآله) في أثناء الطريق، وقبل أن
يصل إلى المدينة، وذلك بتنفير ناقة النبي (صلى الله عليه وآله) في عقبة بين المدينة والشام،
ليطرحوه في واد كان هناك.
وعندما وصل الجيش الإسلامي إلى بداية تلك المنطقة (العقبة) قال
رسول الله (صلى الله عليه وآله): من شاء منكم أن يأخذ بطن الوادي، فإنه أوسع لكم.
فأخذ
الناس بطن الوادي.
ولكن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أخذ بطريق العقبة، فيما يسوق حذيفة بن اليمان
ناقة النبي (صلى الله عليه وآله)، ويقودها عمار بن ياسر، فبينما هم يسيرون إذ التفت رسول
____________________
.٢٥٩ / ١) مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر، ابن منظور ٦ )
١٠٣ ط. دار / ٢) كتاب المفاخرات، الزبير بن بكار، شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد ٢ )
الفكر ١٣٨٨ ه.
.٦٩٠ / ٣) الاستيعاب ٢ )
(٦٠)
http://www.ShiaOnlineLibrary.com
الله (صلى الله عليه وآله) إلى خلفه، فرأى في ضوء ليلة مقمرة فرسانا متلثمين، لحقوا به من
ورائه، لينفروا به ناقته، وهم يتخافتون، فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وصاح
بهم،
وأمر حذيفة أن يضرب وجوه رواحلهم. قائلا:
اضرب وجوه رواحلهم.
فأرعبهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) بصياحه بهم إرعابا شديدا، وعرفوا أن
رسول الله (صلى الله عليه وآله) علم بمكرهم ومؤامرتهم، فاسرعوا تاركين العقبة حتى
خالطوا الناس.
يقول حذيفة فعرفتهم برواحلهم وذكرتهم لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وقلت: يا
رسول الله ألا تبعث إليهم لتقتلهم؟
فأجابه رسول الله في لحن ملؤه الحنان والعاطفة: إن الله أمرني أن
أعرض عنهم، وأكره أن يقول الناس: إنه دعا أناسا من قومه وأصحابه إلى
دينه، فاستجابوا له، فقاتل بهم، حتى ظهر على عدوه، ثم أقبل فقتلهم،
.( ولكن دعهم يا حذيفة فإن الله لهم بالمرصاد " ( ١
ولما جمعهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأخبرهم بما قالوه وأجمعوا له فحلفوا
بالله ما قالوا.
فأنزل الله تعالى:
{يحلفون بالله ما قالوا، ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم
____________________
.٤٧٧ / ٤٦ ، إمتاع الأسماع ١ / ١٠٤٥ ، مجمع البيان ٣ - ١٠٤٢ / ١) المغازي النبوية ٣ )
(٦١)
http://www.ShiaOnlineLibrary.com
.( ينالوا...} ( ١
وروى مسلم في صحيحه عن الوليد بن جميع عن أبي الطفيل:
قال:
" كان بين رجل من أهل العقبة وبين حذيفة بعض ما يكون بين الناس،
فقال: أنشدك بالله، كم كان أصحاب العقبة؟
قال: فقال له القوم أخبره إذ سألك؟
فقال: كنا نخبر أنهم أربعة عشر، فإن كنت منهم فقد كان القوم خمسة
.( عشر ( ٢
لقد أخفى مسلم ذكر اسم ذلك الرجل والظاهر أنه أبو موسى
الأشعري، ولو كان من الأنصار لذكر اسمه!
ووفق رواية حذيفة بن اليمان كان في هؤلاء الرجال أبو بكر وعمر
.( وعثمان وطلحة وسعد بن أبي وقاص ( ٣
روايات في محاولة اغتيال النبي (صلى الله عليه وآله) في العقبة
لقد حدثت غزوة تبوك في السنة التاسعة للهجرة. وقد ذكرها الواقدي
____________________
٦٠٥ ، طبع دار إحياء التراث العربي - بيروت. ،٦٠٤ / ١) التوبة: ٧٤ ، تفسير ابن كثير ٢ )
.٦٠٥ / ٢) تفسير ابن كثير ٢ )
٢٢٥ طبع دار الفكر، وابن حزم قد توفي سنة ٤٥٦ هجرية. / ٣) المحلى، ابن حزم الأندلسي ١١ )
(٦٢)
http://www.ShiaOnlineLibrary.com
في مغازيه ( ١) قائلا:
" إنما كانت أخبار الشام عند المسلمين كل يوم لكثرة من يقدم عليهم
من الأنباط، فقدمت قادمة فذكروا أن الروم قد جمعت جموعا كثيرة بالشام،
وأن هرقل قد رزق أصحابه لسنة، وأجلبت معه لخم وجذام وغسان وعاملة.
وزحفوا وقدموا مقدماتهم إلى البلقاء وعسكروا بها، وتخلف هرقل
بحمص.
ولم يكن ذلك، إنما ذلك شئ قيل لهم فقالوه. ولم يكن عدو أخوف
عند المسلمين منهم، وذلك لما عاينوا منهم (إذ كانوا يقدمون عليهم تجارا)
من العدد والعدة والكراع. وكان رسول الله لا يغزو غزوة إلا ورى بغيرها،
لئلا تذهب الأخبار بأنه يريد كذا وكذا، حتى كانت غزوة تبوك فغزاها رسول
الله (صلى الله عليه وآله) في حر شديد ".
وقال الجلاس بن سويد: والله لئن كان محمد صادقا لنحن شر من
الحمير! والله لوددت أني أقاضي على أن يضرب كل رجل منا مائة جلدة وأنا
ننفلت من أن ينزل فيها القرآن بمقالتكم.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعمار بن ياسر: أدرك القوم فإنهم قد احترقوا،
فسلهم عما قالوا، فإن أنكروا فقل: بلى قلتم كذا وكذا.
فذهب إليهم عمار فقال لهم. فأتوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يعتذرون إليه..
____________________
.٩٨٩ / ١) المغازي ٢ )
(٦٣)
http://www.ShiaOnlineLibrary.com
فأنزل الله {ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب} إلى قوله {بأنهم كانوا
.( مجرمين} ( ١
ولما أحتاج المسلمون إلى الماء في تلك الصحراء بصيفها الحار، دعا
رسول الله (صلى الله عليه وآله) فسقط المطر. فقال أوس بن قيظي المنافق: سحابة مارة
.(٢)
وكانت غزوة تبوك بعد انتصار المسلمين على المشركين،
وسيطرتهم على جزيرة العرب، فوجد المنافقون أن ملك المسلمين أصبح
عظيما، وبلادهم واسعة، فسعوا لقتل النبي (صلى الله عليه وآله) للسيطرة على خلافته.
وقد نزلت آيات كثيرة في تبوك في المنافقين وأفعالهم منها:
{وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون فليضحكوا
.( قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون} ( ٣
.( و {والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين} ( ٤
وذكر البيهقي عن عروة، قال:
ورجع رسول الله (صلى الله عليه وآله) قافلا من تبوك إلى المدينة، حتى إذا كان ببعض
الطريق مكر برسول الله (صلى الله عليه وآله) ناس من أصحابه فتآمروا [عليه] ( ٥) أن
يطرحوه
في عقبة في الطريق، فلما بلغوا العقبة أرادوا أن يسلكوها معه، فلما غشيهم
____________________
.٦٦ ، ١) سورة التوبة ٦٥ )
.١٠٠٩ / ٢) المغازي للواقدي ٢ )
.٨٢ ، ٣) التوبة ٨١ )
. ٤) التوبة ١٠٧ )
٥) الزيادة من (أ) فقط. )
(٦٤)
http://www.ShiaOnlineLibrary.com
رسول الله (صلى الله عليه وآله) أخبر خبرهم ( ١)، فقال: من شاء منكم أن يأخذ بطن
الوادي فإنه أوسع لكم، وأخذ النبي (صلى الله عليه وآله) العقبة، وأخذ الناس بطن الوادي
إلا
النفر الذين مكروا برسول الله (صلى الله عليه وآله) لما سمعوا بذلك استعدوا وتلثموا، وقد
هموا بأمر عظيم، وأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) حذيفة بن اليمان، وعمار بن ياسر،
فمشيا معه
مشيا، وأمر عمارا أن يأخذ بزمام الناقة، وأمر حذيفة أن يسوقها فبينا هم
يسيرون إذ سمعوا بالقوم من ورائهم قد غشوهم فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله)،
وأمر حذيفة أن يردهم، وأبصر حذيفة غضب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فرجع ومعه
محجن، فاستقبل وجوه رواحلهم، فضربها ضربا بالمحجن، وأبصر القوم
وهم متلثمون، لا يشعر إنما ذلك فعل المسافر، فرعبهم الله عز وجل حين
أبصروا حذيفة، وظنوا أن مكرهم قد ظهر عليه، فأسرعوا حتى خالطوا
الناس، وأقبل حذيفة حتى أدرك رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلما أدركه، قال: اضرب
الراحلة يا حذيفة، وامش أنت يا عمار، فأسرعوا حتى استوى بأعلاها
فخرجوا من العقبة ينتظرون الناس، فقال النبي (صلى الله عليه وآله) لحذيفة: هل عرفت من
هؤلاء الرهط أو الركب، أو أحدا منهم؟ قال حذيفة: عرفت راحلة فلان
وفلان، وقال: كانت ظلمة الليل، وغشيتهم وهم متلثمون، فقال (صلى الله عليه وآله): هل
علمتم ما كان شأن الركب وما أرادوا؟ قالوا: لا والله يا رسول الله، قال: فإنهم
مكروا ليسيروا معي حتى إذا أظلمت في العقبة طرحوني منها، قالوا: أفلا
____________________
١) في (ح): " أخبرهم خبره ". )
(٦٥)
http://www.ShiaOnlineLibrary.com
تأمر بهم يا رسول الله إذا جاءك الناس فتضرب أعناقهم؟ قال: أكره أن
يتحدث الناس ويقولوا إن محمدا قد وضع يده في أصحابه، فسماهم لهما،
وقال: اكتماهم ( ١). إذن كان حذيفة وعمار يعرفان أسماء المنافقين.
وقد عودنا الناشرون وبعض الرواة على وضع كلمتي فلان بدل أبي
بكر وعمر.
وقد ذكر ابن أبي الحديد المعتزلي عمر وعثمان بدل فلان عند ذكر
.( المنهزمين من معركة أحد ( ٢
وأخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أبو العباس: محمد بن
يعقوب، قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس، عن ابن إسحاق،
قال:
فلما بلغ رسول الله (صلى الله عليه وآله) الثنية نادى منادي رسول الله (صلى الله عليه
وآله): أن خذوا بطن
الوادي فهو أوسع عليكم، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد أخذ الثنية، فذكر
الحديث في
مكر المنافقين بنحو مما ذكرنا في رواية عروة إلى قوله لحذيفة: هل عرفت
من القوم أحدا؟ فقال: لا ولكني أعرف رواحلهم، فقال له رسول الله (صلى الله عليه
وآله): إن
الله قد أخبرني بأسمائهم وأسماء آبائهم، وسأخبرك بهم إن شاء الله عند وجه
الصبح، فانطلق إذا أصبحت فأجمعهم، فلما أصبح، قال: ادع " عبد الله " أظنه
____________________
١٩ )، عن المصنف، وقد روى الخبر الإمام أحمد عن أبي : ١) نقله الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية ( ٥ )
الطفيل، وابن سعد عن جبير بن مطعم.
٢٥٧ طبعة دار الكتب العلمية - بيروت. ،٢٥٦ / دلائل النبوة، البيهقي ٥
٣٩٠ طبع دار الكتب العلمية - مصر. / ٢٦٦ ، شرح النهج، المعتزلي ٣ / ٢) نظريات الخليفتين، المؤلف ٢ )
(٦٦)
http://www.ShiaOnlineLibrary.com
ابن سعد بن أبي سرح ( ١)، وفي الأصل عبد الله بن أبي، وسعد بن أبي سرح إلا
أن ابن إسحاق ذكر قبل هذا أن ابن أبي تخلف في غزوة تبوك ولا أدري كيف
.( هذا ( ٢
وأخبرنا أبو علي: الحسين بن محمد الروذباري، أخبرنا أبو العباس:
عبد الله بن عبد الرحمن بن حماد العسكري [ببغداد]، قالا: حدثنا أحمد بن
الوليد الفحام، أخبرنا شاذان، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن قيس
بن عباد، قال: قلت لعمار: أرأيتم صنيعكم هذا فيما كان من أمر علي، أرأيا
رأيتموه أو شيئا عهده إليكم رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ فقال: ما عهد إلينا رسول
الله (صلى الله عليه وآله)
شيئا لم يعهده إلى الناس كافة، ولكن حذيفة أخبرني عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه
قال:
" في أصحابي اثنا عشر منافقا، منهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج
.( الجمل في سم الخياط " ( ٣
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن الأسود بن عامر
.( " شاذان " ( ٤
أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ [قال]: حدثنا أبو الفضل بن إبراهيم،
قال: حدثنا أحمد بن سلمة، [قال]: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بن
____________________
١) وقال ابن قيم الجوزية في زاد المعاد: " عبد الله بن أبي سعد بن أبي سرح، ولم يعرف له إسلام ". )
٢٥٨ ، طبعة دار الكتب العلمية - بيروت. ،٢٥٧ / ٢) دلائل النبوة، البيهقي ٥ )
٣) المصدر السابق. )
٢١٤٣ ) عن أبي : ٤) أخرجه مسلم في: ٥٠ - كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، الحديث ( ٩)، ص ( ٤ )
بكر بن أبي شيبة.
(٦٧)
http://www.ShiaOnlineLibrary.com
جعفر، حدثنا شعبة، قال: سمعت قتادة يحدث عن أبي نضرة عن قيس بن
عباد، قال: قلنا لعمار بن ياسر أرأيت قتالكم هذا أرأيا رأيتموه، فإن الرأي
يخطئ ويصيب، أم عهدا عهده إليكم رسول الله (صلى الله عليه وآله) - شيئا لم يعهده
في الناس كافة - وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " إن في أمتي "، قال شعبة:
وأحسبه قال
حدثني حذيفة أنه قال " إن في أمتي اثني عشر منافقا لا يدخلون الجنة ولا
يجدون ريحها حتى يلج الجمل في سم الخياط، ثمانية منهم تكفيهم الدبيلة
شراج من النار تظهر بين أكتافهم حتى تنجم من صدورهم.
.( رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن بشار ( ١
وروينا عن حذيفة أنهم كانوا أربعة عشر، أو خمسة عشر، وأشهد بالله
أن اثني عشر منهم حرب لله ورسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد،
.( وعذر ثلاثة، قالوا: ما سمعنا المنادي، ولا علمنا ما أراد القوم ( ٢
رواية حذيفة في كتاب المحلى
ذكر حذيفة بن اليمان العبسي (صاحب سر النبي (صلى الله عليه وآله) كما وصفه
الخليفة عمر) ( ٣) محاولة بعض الصحابة قتل النبي (صلى الله عليه وآله) في غزوة تبوك،
____________________
١) أخرجه مسلم في الموضع السابق، الحديث ( ١٠ ) عن محمد بن بشار، ومحمد بن المثنى. )
٢٥٨ طبعة دار الكتب العلمية - بيروت. ،٢٥٧ / ٢) دلائل النبوة، البيهقي ٥ )
٤٦٨ ، طبعة دار إحياء التراث العربي - بيروت. / ٣) أسد الغابة، ابن الأثير، ترجمة حذيفة ١ )
(٦٨)
http://www.ShiaOnlineLibrary.com
وذلك بإلقائه من العقبة ( ١) في الوادي.
وقد ذكر ابن حزم الأندلسي المتوفى سنة ٤٥٦ ه هذه الحادثة في
كتابه المحلى قائلا:
" وأما حديث حذيفة فساقط، لأنه من طريق الوليد بن جميع، وهو
هالك، ولا نراه يعلم من وضع الحديث، فإنه قد روى أخبارا فيها أن أبا بكر
وعمر وعثمان وطلحة وسعد بن أبي وقاص (رضي الله عنه) أرادوا قتل النبي (صلى الله عليه
وآله)،
وإلقائه من العقبة في تبوك، ولو صحت لكانت بلا شك على ما بينا من أنهم
صح نفاقهم، وعاذوا بالتوبة، ولم يقطع حذيفة ولا غيره على باطن أمرهم،
.( فتورع عن الصلاة عليهم " ( ٢
والوليد بن جميع هو الوليد بن عبد الله بن جميع.
جاء في كتاب ميزان الاعتدال للذهبي ( ٣): الوليد بن جميع وثقه ابن
معين، والعجلي، وقال أحمد، وأبو زرعة ليس به بأس، وقال أبو حاتم:
صالح الحديث.
وجاء في كتاب الجرح والتعديل للرازي ( ٤): عن إسحاق بن منصور،
عن يحيى بن معين، أنه قال: الوليد بن جميع ثقة.
____________________
١) العقبة: الجبل الطويل يعرض للطريق فيأخذ فيه وهو طويل صعب شديد، لسان العرب لابن منظور )
.٦٢١ / ١
.٢٢٥ / ٢) المحلى، ابن حزم الأندلسي ١١ )
٣٣٧ رقم ٩٣٦٢ طبع دار المعرفة - بيروت. / ٣) ميزان الاعتدال ٤ )
٨ طبع دار الكتب العلمية - بيروت. / ٤) الجرح والتعديل ج ٩ )
(٦٩)
.................................................. ....
نقلا عن كتاب اغتيال الرسول ص للمؤلف نجاح الطائي
.................................................. ..........................
وقد جاء: لما رجع رسول الله قافلا من تبوك إلى المدينة، حتى إذا كان
( ببعض الطريق، مكر به ناس من أصحابه، وتآمروا أن يطرحوه في العقبة ( ٢
وأرادوا أن يسلكوها معه لهذه الغاية، فأخبر رسول الله خبرهم، فقال
لأصحابه من شاء منكم أن يأخذ بطن الوادي فإنه أوسع لكم.
فأخذ النبي (صلى الله عليه وآله) العقبة، وأخذ الناس بطن الوادي إلا النفر الذين
أرادوا المكر به، فقد استعدوا وتلثموا، وأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) حذيفة بن
اليمان وعمار بن ياسر فمشيا معه مشيا، وأمر عمارا أن يأخذ بزمام الناقة،
وحذيفة يسوقها، فبينما هم يسيرون، إذ سمعوا وكزة القوم من ورائهم، قد
غشوهم.
فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأمر حذيفة أن يراهم، ويتعرف عليهم،
فرجع ومعه محجن، فاستقبل وجوه رواحلهم، وضربها بالمحجن، وأبصر
القوم وهم متلثمون، فأرعبوا حين أبصروا حذيفة، وظنوا أن مكرهم قد
ظهر، فاسرعوا حتى خالطوا الناس.
وأقبل حذيفة حتى أدرك رسول الله، فلما أدركه، قال (صلى الله عليه وآله): اضرب
الناقة يا حذيفة، وامش أنت يا عمار، فاسرعوا وخرجوا من العقبة، ينتظرون
____________________
١) أنظر كتاب السقيفة، لعبد الفتاح، والسقيفة للمؤلف. )
٢) العقبة: مرقى صعب من الجبال، والطريق في أعلاها، والجمع عقاب وعقبات وواحدة العقب. أقرب )
.٨٠٧ / الموارد ٢
(٥٨)
الناس.
فقال النبي (صلى الله عليه وآله) يا حذيفة هل عرفت أحدا منهم؟
فقال: عرفت راحلة فلان وفلان، وكانت ظلمة الليل قد غشيتهم وهم
متلثمون.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هل عرفت ما شأنهم وما يريدون؟
قال: لا يا رسول الله.
قال (صلى الله عليه وآله): فإنهم فكروا أن يسيروا معي، حتى إذا صرت في العقبة
طرحوني فيها!
فقال: أفلا ترأف بهم إذا جاءك الناس.
قال: أكره أن يتحدث الناس، ويقولوا: إن محمدا قتل أصحابه، ثم
.( سماهم بأسمائهم ( ١
وفي كتاب أبان بن عثمان بن عفان، قال الأعمش: وكانوا اثني عشر،
سبعة من قريش.
وقال أبو البختري، قال حذيفة:
لو حدثتكم بحديث لكذبني ثلاثة أثلاثكم.
فقال: ففطن له شاب، فقال: من يصدقك إذا كذبك ثلاثة أثلاثنا!
فقال: إن أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) كانوا يسألون رسول الله (صلى الله عليه
وآله) عن الخير، وكنت
____________________
١٤٣ طبعة دار إحياء التراث العربي - بيروت، ودلائل النبوة لأبي بكر أحمد البيهقي / ١) السيرة الحلبية ٣ )
٢٦٢ طبع دار الكتب العلمية - بيروت، وأخرجه مسلم في ص ٥٠ كتاب صفات المنافقين - ٢٦٠ / ٥ *
وأحكامهم، كتاب أبان بن عثمان.
(٥٩)
http://www.ShiaOnlineLibrary.com
أسأله عن الشر.
قال: فقيل له: ما حملك على ذلك؟
.( فقال: إنه من اعترف بالشر، وقع في الخير ( ١
وقال الحسن بن علي (عليه السلام): " يوم أوقفوا الرسول (صلى الله عليه وآله) في العقبة
.( ليستنفروا ناقته كانوا اثني عشر رجلا منهم أبو سفيان " ( ٢
وذكر ابن عبد البر الأندلسي في كتابه الاستيعاب: كان أبو سفيان كهفا
.( للمنافقين منذ أسلم ( ٣
وجاء أيضا: " لدى العودة تآمر ١٢ منافقا ثمانية منهم من قريش،
والباقي من أهل المدينة، لاغتيال الرسول (صلى الله عليه وآله) في أثناء الطريق، وقبل أن
يصل إلى المدينة، وذلك بتنفير ناقة النبي (صلى الله عليه وآله) في عقبة بين المدينة والشام،
ليطرحوه في واد كان هناك.
وعندما وصل الجيش الإسلامي إلى بداية تلك المنطقة (العقبة) قال
رسول الله (صلى الله عليه وآله): من شاء منكم أن يأخذ بطن الوادي، فإنه أوسع لكم.
فأخذ
الناس بطن الوادي.
ولكن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أخذ بطريق العقبة، فيما يسوق حذيفة بن اليمان
ناقة النبي (صلى الله عليه وآله)، ويقودها عمار بن ياسر، فبينما هم يسيرون إذ التفت رسول
____________________
.٢٥٩ / ١) مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر، ابن منظور ٦ )
١٠٣ ط. دار / ٢) كتاب المفاخرات، الزبير بن بكار، شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد ٢ )
الفكر ١٣٨٨ ه.
.٦٩٠ / ٣) الاستيعاب ٢ )
(٦٠)
http://www.ShiaOnlineLibrary.com
الله (صلى الله عليه وآله) إلى خلفه، فرأى في ضوء ليلة مقمرة فرسانا متلثمين، لحقوا به من
ورائه، لينفروا به ناقته، وهم يتخافتون، فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وصاح
بهم،
وأمر حذيفة أن يضرب وجوه رواحلهم. قائلا:
اضرب وجوه رواحلهم.
فأرعبهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) بصياحه بهم إرعابا شديدا، وعرفوا أن
رسول الله (صلى الله عليه وآله) علم بمكرهم ومؤامرتهم، فاسرعوا تاركين العقبة حتى
خالطوا الناس.
يقول حذيفة فعرفتهم برواحلهم وذكرتهم لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وقلت: يا
رسول الله ألا تبعث إليهم لتقتلهم؟
فأجابه رسول الله في لحن ملؤه الحنان والعاطفة: إن الله أمرني أن
أعرض عنهم، وأكره أن يقول الناس: إنه دعا أناسا من قومه وأصحابه إلى
دينه، فاستجابوا له، فقاتل بهم، حتى ظهر على عدوه، ثم أقبل فقتلهم،
.( ولكن دعهم يا حذيفة فإن الله لهم بالمرصاد " ( ١
ولما جمعهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأخبرهم بما قالوه وأجمعوا له فحلفوا
بالله ما قالوا.
فأنزل الله تعالى:
{يحلفون بالله ما قالوا، ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم
____________________
.٤٧٧ / ٤٦ ، إمتاع الأسماع ١ / ١٠٤٥ ، مجمع البيان ٣ - ١٠٤٢ / ١) المغازي النبوية ٣ )
(٦١)
http://www.ShiaOnlineLibrary.com
.( ينالوا...} ( ١
وروى مسلم في صحيحه عن الوليد بن جميع عن أبي الطفيل:
قال:
" كان بين رجل من أهل العقبة وبين حذيفة بعض ما يكون بين الناس،
فقال: أنشدك بالله، كم كان أصحاب العقبة؟
قال: فقال له القوم أخبره إذ سألك؟
فقال: كنا نخبر أنهم أربعة عشر، فإن كنت منهم فقد كان القوم خمسة
.( عشر ( ٢
لقد أخفى مسلم ذكر اسم ذلك الرجل والظاهر أنه أبو موسى
الأشعري، ولو كان من الأنصار لذكر اسمه!
ووفق رواية حذيفة بن اليمان كان في هؤلاء الرجال أبو بكر وعمر
.( وعثمان وطلحة وسعد بن أبي وقاص ( ٣
روايات في محاولة اغتيال النبي (صلى الله عليه وآله) في العقبة
لقد حدثت غزوة تبوك في السنة التاسعة للهجرة. وقد ذكرها الواقدي
____________________
٦٠٥ ، طبع دار إحياء التراث العربي - بيروت. ،٦٠٤ / ١) التوبة: ٧٤ ، تفسير ابن كثير ٢ )
.٦٠٥ / ٢) تفسير ابن كثير ٢ )
٢٢٥ طبع دار الفكر، وابن حزم قد توفي سنة ٤٥٦ هجرية. / ٣) المحلى، ابن حزم الأندلسي ١١ )
(٦٢)
http://www.ShiaOnlineLibrary.com
في مغازيه ( ١) قائلا:
" إنما كانت أخبار الشام عند المسلمين كل يوم لكثرة من يقدم عليهم
من الأنباط، فقدمت قادمة فذكروا أن الروم قد جمعت جموعا كثيرة بالشام،
وأن هرقل قد رزق أصحابه لسنة، وأجلبت معه لخم وجذام وغسان وعاملة.
وزحفوا وقدموا مقدماتهم إلى البلقاء وعسكروا بها، وتخلف هرقل
بحمص.
ولم يكن ذلك، إنما ذلك شئ قيل لهم فقالوه. ولم يكن عدو أخوف
عند المسلمين منهم، وذلك لما عاينوا منهم (إذ كانوا يقدمون عليهم تجارا)
من العدد والعدة والكراع. وكان رسول الله لا يغزو غزوة إلا ورى بغيرها،
لئلا تذهب الأخبار بأنه يريد كذا وكذا، حتى كانت غزوة تبوك فغزاها رسول
الله (صلى الله عليه وآله) في حر شديد ".
وقال الجلاس بن سويد: والله لئن كان محمد صادقا لنحن شر من
الحمير! والله لوددت أني أقاضي على أن يضرب كل رجل منا مائة جلدة وأنا
ننفلت من أن ينزل فيها القرآن بمقالتكم.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعمار بن ياسر: أدرك القوم فإنهم قد احترقوا،
فسلهم عما قالوا، فإن أنكروا فقل: بلى قلتم كذا وكذا.
فذهب إليهم عمار فقال لهم. فأتوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يعتذرون إليه..
____________________
.٩٨٩ / ١) المغازي ٢ )
(٦٣)
http://www.ShiaOnlineLibrary.com
فأنزل الله {ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب} إلى قوله {بأنهم كانوا
.( مجرمين} ( ١
ولما أحتاج المسلمون إلى الماء في تلك الصحراء بصيفها الحار، دعا
رسول الله (صلى الله عليه وآله) فسقط المطر. فقال أوس بن قيظي المنافق: سحابة مارة
.(٢)
وكانت غزوة تبوك بعد انتصار المسلمين على المشركين،
وسيطرتهم على جزيرة العرب، فوجد المنافقون أن ملك المسلمين أصبح
عظيما، وبلادهم واسعة، فسعوا لقتل النبي (صلى الله عليه وآله) للسيطرة على خلافته.
وقد نزلت آيات كثيرة في تبوك في المنافقين وأفعالهم منها:
{وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون فليضحكوا
.( قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون} ( ٣
.( و {والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين} ( ٤
وذكر البيهقي عن عروة، قال:
ورجع رسول الله (صلى الله عليه وآله) قافلا من تبوك إلى المدينة، حتى إذا كان ببعض
الطريق مكر برسول الله (صلى الله عليه وآله) ناس من أصحابه فتآمروا [عليه] ( ٥) أن
يطرحوه
في عقبة في الطريق، فلما بلغوا العقبة أرادوا أن يسلكوها معه، فلما غشيهم
____________________
.٦٦ ، ١) سورة التوبة ٦٥ )
.١٠٠٩ / ٢) المغازي للواقدي ٢ )
.٨٢ ، ٣) التوبة ٨١ )
. ٤) التوبة ١٠٧ )
٥) الزيادة من (أ) فقط. )
(٦٤)
http://www.ShiaOnlineLibrary.com
رسول الله (صلى الله عليه وآله) أخبر خبرهم ( ١)، فقال: من شاء منكم أن يأخذ بطن
الوادي فإنه أوسع لكم، وأخذ النبي (صلى الله عليه وآله) العقبة، وأخذ الناس بطن الوادي
إلا
النفر الذين مكروا برسول الله (صلى الله عليه وآله) لما سمعوا بذلك استعدوا وتلثموا، وقد
هموا بأمر عظيم، وأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) حذيفة بن اليمان، وعمار بن ياسر،
فمشيا معه
مشيا، وأمر عمارا أن يأخذ بزمام الناقة، وأمر حذيفة أن يسوقها فبينا هم
يسيرون إذ سمعوا بالقوم من ورائهم قد غشوهم فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله)،
وأمر حذيفة أن يردهم، وأبصر حذيفة غضب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فرجع ومعه
محجن، فاستقبل وجوه رواحلهم، فضربها ضربا بالمحجن، وأبصر القوم
وهم متلثمون، لا يشعر إنما ذلك فعل المسافر، فرعبهم الله عز وجل حين
أبصروا حذيفة، وظنوا أن مكرهم قد ظهر عليه، فأسرعوا حتى خالطوا
الناس، وأقبل حذيفة حتى أدرك رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلما أدركه، قال: اضرب
الراحلة يا حذيفة، وامش أنت يا عمار، فأسرعوا حتى استوى بأعلاها
فخرجوا من العقبة ينتظرون الناس، فقال النبي (صلى الله عليه وآله) لحذيفة: هل عرفت من
هؤلاء الرهط أو الركب، أو أحدا منهم؟ قال حذيفة: عرفت راحلة فلان
وفلان، وقال: كانت ظلمة الليل، وغشيتهم وهم متلثمون، فقال (صلى الله عليه وآله): هل
علمتم ما كان شأن الركب وما أرادوا؟ قالوا: لا والله يا رسول الله، قال: فإنهم
مكروا ليسيروا معي حتى إذا أظلمت في العقبة طرحوني منها، قالوا: أفلا
____________________
١) في (ح): " أخبرهم خبره ". )
(٦٥)
http://www.ShiaOnlineLibrary.com
تأمر بهم يا رسول الله إذا جاءك الناس فتضرب أعناقهم؟ قال: أكره أن
يتحدث الناس ويقولوا إن محمدا قد وضع يده في أصحابه، فسماهم لهما،
وقال: اكتماهم ( ١). إذن كان حذيفة وعمار يعرفان أسماء المنافقين.
وقد عودنا الناشرون وبعض الرواة على وضع كلمتي فلان بدل أبي
بكر وعمر.
وقد ذكر ابن أبي الحديد المعتزلي عمر وعثمان بدل فلان عند ذكر
.( المنهزمين من معركة أحد ( ٢
وأخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أبو العباس: محمد بن
يعقوب، قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس، عن ابن إسحاق،
قال:
فلما بلغ رسول الله (صلى الله عليه وآله) الثنية نادى منادي رسول الله (صلى الله عليه
وآله): أن خذوا بطن
الوادي فهو أوسع عليكم، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد أخذ الثنية، فذكر
الحديث في
مكر المنافقين بنحو مما ذكرنا في رواية عروة إلى قوله لحذيفة: هل عرفت
من القوم أحدا؟ فقال: لا ولكني أعرف رواحلهم، فقال له رسول الله (صلى الله عليه
وآله): إن
الله قد أخبرني بأسمائهم وأسماء آبائهم، وسأخبرك بهم إن شاء الله عند وجه
الصبح، فانطلق إذا أصبحت فأجمعهم، فلما أصبح، قال: ادع " عبد الله " أظنه
____________________
١٩ )، عن المصنف، وقد روى الخبر الإمام أحمد عن أبي : ١) نقله الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية ( ٥ )
الطفيل، وابن سعد عن جبير بن مطعم.
٢٥٧ طبعة دار الكتب العلمية - بيروت. ،٢٥٦ / دلائل النبوة، البيهقي ٥
٣٩٠ طبع دار الكتب العلمية - مصر. / ٢٦٦ ، شرح النهج، المعتزلي ٣ / ٢) نظريات الخليفتين، المؤلف ٢ )
(٦٦)
http://www.ShiaOnlineLibrary.com
ابن سعد بن أبي سرح ( ١)، وفي الأصل عبد الله بن أبي، وسعد بن أبي سرح إلا
أن ابن إسحاق ذكر قبل هذا أن ابن أبي تخلف في غزوة تبوك ولا أدري كيف
.( هذا ( ٢
وأخبرنا أبو علي: الحسين بن محمد الروذباري، أخبرنا أبو العباس:
عبد الله بن عبد الرحمن بن حماد العسكري [ببغداد]، قالا: حدثنا أحمد بن
الوليد الفحام، أخبرنا شاذان، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن قيس
بن عباد، قال: قلت لعمار: أرأيتم صنيعكم هذا فيما كان من أمر علي، أرأيا
رأيتموه أو شيئا عهده إليكم رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ فقال: ما عهد إلينا رسول
الله (صلى الله عليه وآله)
شيئا لم يعهده إلى الناس كافة، ولكن حذيفة أخبرني عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه
قال:
" في أصحابي اثنا عشر منافقا، منهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج
.( الجمل في سم الخياط " ( ٣
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن الأسود بن عامر
.( " شاذان " ( ٤
أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ [قال]: حدثنا أبو الفضل بن إبراهيم،
قال: حدثنا أحمد بن سلمة، [قال]: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بن
____________________
١) وقال ابن قيم الجوزية في زاد المعاد: " عبد الله بن أبي سعد بن أبي سرح، ولم يعرف له إسلام ". )
٢٥٨ ، طبعة دار الكتب العلمية - بيروت. ،٢٥٧ / ٢) دلائل النبوة، البيهقي ٥ )
٣) المصدر السابق. )
٢١٤٣ ) عن أبي : ٤) أخرجه مسلم في: ٥٠ - كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، الحديث ( ٩)، ص ( ٤ )
بكر بن أبي شيبة.
(٦٧)
http://www.ShiaOnlineLibrary.com
جعفر، حدثنا شعبة، قال: سمعت قتادة يحدث عن أبي نضرة عن قيس بن
عباد، قال: قلنا لعمار بن ياسر أرأيت قتالكم هذا أرأيا رأيتموه، فإن الرأي
يخطئ ويصيب، أم عهدا عهده إليكم رسول الله (صلى الله عليه وآله) - شيئا لم يعهده
في الناس كافة - وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " إن في أمتي "، قال شعبة:
وأحسبه قال
حدثني حذيفة أنه قال " إن في أمتي اثني عشر منافقا لا يدخلون الجنة ولا
يجدون ريحها حتى يلج الجمل في سم الخياط، ثمانية منهم تكفيهم الدبيلة
شراج من النار تظهر بين أكتافهم حتى تنجم من صدورهم.
.( رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن بشار ( ١
وروينا عن حذيفة أنهم كانوا أربعة عشر، أو خمسة عشر، وأشهد بالله
أن اثني عشر منهم حرب لله ورسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد،
.( وعذر ثلاثة، قالوا: ما سمعنا المنادي، ولا علمنا ما أراد القوم ( ٢
رواية حذيفة في كتاب المحلى
ذكر حذيفة بن اليمان العبسي (صاحب سر النبي (صلى الله عليه وآله) كما وصفه
الخليفة عمر) ( ٣) محاولة بعض الصحابة قتل النبي (صلى الله عليه وآله) في غزوة تبوك،
____________________
١) أخرجه مسلم في الموضع السابق، الحديث ( ١٠ ) عن محمد بن بشار، ومحمد بن المثنى. )
٢٥٨ طبعة دار الكتب العلمية - بيروت. ،٢٥٧ / ٢) دلائل النبوة، البيهقي ٥ )
٤٦٨ ، طبعة دار إحياء التراث العربي - بيروت. / ٣) أسد الغابة، ابن الأثير، ترجمة حذيفة ١ )
(٦٨)
http://www.ShiaOnlineLibrary.com
وذلك بإلقائه من العقبة ( ١) في الوادي.
وقد ذكر ابن حزم الأندلسي المتوفى سنة ٤٥٦ ه هذه الحادثة في
كتابه المحلى قائلا:
" وأما حديث حذيفة فساقط، لأنه من طريق الوليد بن جميع، وهو
هالك، ولا نراه يعلم من وضع الحديث، فإنه قد روى أخبارا فيها أن أبا بكر
وعمر وعثمان وطلحة وسعد بن أبي وقاص (رضي الله عنه) أرادوا قتل النبي (صلى الله عليه
وآله)،
وإلقائه من العقبة في تبوك، ولو صحت لكانت بلا شك على ما بينا من أنهم
صح نفاقهم، وعاذوا بالتوبة، ولم يقطع حذيفة ولا غيره على باطن أمرهم،
.( فتورع عن الصلاة عليهم " ( ٢
والوليد بن جميع هو الوليد بن عبد الله بن جميع.
جاء في كتاب ميزان الاعتدال للذهبي ( ٣): الوليد بن جميع وثقه ابن
معين، والعجلي، وقال أحمد، وأبو زرعة ليس به بأس، وقال أبو حاتم:
صالح الحديث.
وجاء في كتاب الجرح والتعديل للرازي ( ٤): عن إسحاق بن منصور،
عن يحيى بن معين، أنه قال: الوليد بن جميع ثقة.
____________________
١) العقبة: الجبل الطويل يعرض للطريق فيأخذ فيه وهو طويل صعب شديد، لسان العرب لابن منظور )
.٦٢١ / ١
.٢٢٥ / ٢) المحلى، ابن حزم الأندلسي ١١ )
٣٣٧ رقم ٩٣٦٢ طبع دار المعرفة - بيروت. / ٣) ميزان الاعتدال ٤ )
٨ طبع دار الكتب العلمية - بيروت. / ٤) الجرح والتعديل ج ٩ )
(٦٩)
تعليق