المقدمة
سئل السيد فضل الله:
ينسب إليها (أي زينب بنت أمير المؤمنين عليها السلام) نقاط ضعف وتخاذل كضربها رأسها بالمحمل وإدمائها جبهتها، وقد اتخذ هذا الموقف المزعوم أساسا لجواز أو استحباب ضرب الرأس، هل لديكم تحقيق تاريخي لهذا الادعاء؟ وهل يصح انتزاعه لإباحة واستحباب ضرب الرؤوس وإدمائها؟
فأجاب:
المفارقة أن الذين يقرأون هذا مع كل محبتنا لهم يقرأون أيضا أن زينب (ع) وقفت على جسد الحسين وقالت: "أتينا بالنياق مهزولة لا موطئة ولا مرحولة" أي على نياق بدون محامل؟!
إننا لا نستطيع أن نوازن بين موقف الضعف الذي ينسب إليها وبين موقفها في الكوفة موقف القوة أمام ابن زياد وموقف القوة أمام أهل الكوفة، فليست زينب (ع) التي يشمت بها الأعداء، ولم تعمل بهذه الطريقة، فإنها كانت ستثير الإشفاق كونها مسكينة وثاكلة ومخذولة.
وعندما ندرس هذه القضية نجد أنها لم ترد بسند موثق، ويكفي دلالة على ضعفها في مضمونها الإيحائي أنها لا تنسجم مع طبيعة موقف زينب (ع) ووصية الحسين (ع): "لا تخمشي علي وجها، ولا تشقي علي جيبا"، وذلك فليس القضية مجرد استبعاد لصحة الرواية ولكن بالمقارنة من خلال موقع ومسؤولية زينب (ع) ووصية الحسين (ع) لزينب ألا تشمت به الأعداء، الأمر الذي يجعلها تقف موقفا غير الذي تصفه الرواية.
ونقطة ثانية، فلو صح سند الرواية، وهو غير صحيح، فإنها كانت في موقف حقيقي وهي مثقلة بكل هذا الكم من الأحزان، تقاد من مكان إلى مكان، ثم بعد ذلك السبي المشين وهي ترى رأس الإمام الحسين (ع) مرفوعا على الرمح، فمن الطبيعي أن كل ذلك قد يبرر الموقف، لأنه موقف قد يخرج به الإنسان من الحزن الهادئ إلى الحزن العنيف، أما أننا نريد أن نضرب رؤوسنا بعقل بارد حتى يصير الكفن مغطى بالدم، وحتى تصرخ النساء، فهذا ليس حزنا ... فلماذا نضرب رؤوسنا بالسيف والسلاسل، هل هي مواساة للحسين؟ هذه ليست مواساة، إن المواساة أن تجرح في الطريق الذي جرح فيه الحسين، وأن تجلد في الموقع الذي جلد فيه".
المصدر: كتاب الندوة، الجزء الأول، الصفحة 342.
سئل السيد فضل الله:
ينسب إليها (أي زينب بنت أمير المؤمنين عليها السلام) نقاط ضعف وتخاذل كضربها رأسها بالمحمل وإدمائها جبهتها، وقد اتخذ هذا الموقف المزعوم أساسا لجواز أو استحباب ضرب الرأس، هل لديكم تحقيق تاريخي لهذا الادعاء؟ وهل يصح انتزاعه لإباحة واستحباب ضرب الرؤوس وإدمائها؟
فأجاب:
المفارقة أن الذين يقرأون هذا مع كل محبتنا لهم يقرأون أيضا أن زينب (ع) وقفت على جسد الحسين وقالت: "أتينا بالنياق مهزولة لا موطئة ولا مرحولة" أي على نياق بدون محامل؟!
إننا لا نستطيع أن نوازن بين موقف الضعف الذي ينسب إليها وبين موقفها في الكوفة موقف القوة أمام ابن زياد وموقف القوة أمام أهل الكوفة، فليست زينب (ع) التي يشمت بها الأعداء، ولم تعمل بهذه الطريقة، فإنها كانت ستثير الإشفاق كونها مسكينة وثاكلة ومخذولة.
وعندما ندرس هذه القضية نجد أنها لم ترد بسند موثق، ويكفي دلالة على ضعفها في مضمونها الإيحائي أنها لا تنسجم مع طبيعة موقف زينب (ع) ووصية الحسين (ع): "لا تخمشي علي وجها، ولا تشقي علي جيبا"، وذلك فليس القضية مجرد استبعاد لصحة الرواية ولكن بالمقارنة من خلال موقع ومسؤولية زينب (ع) ووصية الحسين (ع) لزينب ألا تشمت به الأعداء، الأمر الذي يجعلها تقف موقفا غير الذي تصفه الرواية.
ونقطة ثانية، فلو صح سند الرواية، وهو غير صحيح، فإنها كانت في موقف حقيقي وهي مثقلة بكل هذا الكم من الأحزان، تقاد من مكان إلى مكان، ثم بعد ذلك السبي المشين وهي ترى رأس الإمام الحسين (ع) مرفوعا على الرمح، فمن الطبيعي أن كل ذلك قد يبرر الموقف، لأنه موقف قد يخرج به الإنسان من الحزن الهادئ إلى الحزن العنيف، أما أننا نريد أن نضرب رؤوسنا بعقل بارد حتى يصير الكفن مغطى بالدم، وحتى تصرخ النساء، فهذا ليس حزنا ... فلماذا نضرب رؤوسنا بالسيف والسلاسل، هل هي مواساة للحسين؟ هذه ليست مواساة، إن المواساة أن تجرح في الطريق الذي جرح فيه الحسين، وأن تجلد في الموقع الذي جلد فيه".
المصدر: كتاب الندوة، الجزء الأول، الصفحة 342.
تعليق