محمد بن مسلمة الاشهلي
وهو ( محمد بن مسلمة بن خالد بن عدي بن مجدعة بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الاوس حليف لبني عبد الاشهل) (الاستيعاب لابن عبد البر) .محمد عربي من قبيلة الاوس وحليف لبني عبد الاشهل , ولايقول أصحاب التراجم أن محمدا من بني عبد الاشهل بل هو حليف لهم, وعبد الاشهل الاوسي له أخ أسمه زاعورا وابن أخ اسمه زاعورا كذلك , وعبد الاشهل وزاعورا من أولاد جشم الاوسي ( بتصرف عن كتاب الانساب لابن حزم ).
لنعود قليلا على وثيقة العهد التي ذكرها ابن اسحاق والتي ذكر أن النبي الكريم (ص) كتب فيها..

الذي يقول أن محمد بن مسلمة لم يكن يهوديا لأنه من بني عبد الاشهل , يقال له أن بني عبد الاشهل بن جشم فيهم يهود واحتمالية كون محمد منهم يُرجح احتمال يهوديته . أما الذي يقول أنه ملحق بهم وغير منتسب لهم بل حليف لهم كما تقول بعض المراجع فهذا لايضعف من احتمال يهوديته بل يقويها لأن يهود بني النضير وبني قريظة كانوا حلفاء لقبيلة الاوس ولبطونها وعبد الاشهل من الاوس, فالذين حالفوا الاوس كانوا يهودا واذا كان محمد بن مسلمة من حلفاء بنو عبد الاشهل فاحتمال يهوديته أقوى مما لو كان من بني عبد الاشهل بن جشم, فتأمل .
أهل محمد بن مسلمة يسمونه محمدا قبل ظهور الرسالة !
(محمد بن مسلمة من أهل يثرب, سماه اهله محمدا قبل الرسالة أملا بأن يكون هو النبي المرتقب) عن أسد الغابة لابن الأثير ج5, الاصابة لابن حجر للعسقلاني) وكذلك ( فأما محمد بن مسلمة الانصاري فسُمي محمداً قبل المبعث) ( سير أعلام النبلاء للذهبي ج5ص435). إن البشارات في ظهور النبي كان يعرفها أهل الكتاب أكثر من غيرهم وبتفصيل , وهذا يفسر تسميته بمحمد, و ترجيح ليهودية أهل محمد بن مسلمة.
لم يذكر المؤرخون شيئا عن يهودية محمد بن مسلمة ,بل ذكروا قصة أسلامه وقصة وفاته مقتولاً بفاعل مجهول وذكروا كذلك مواقفا عديدة له في عصر الرسالة, وتركوا غير ذلك ,فصار القارئ يعرف فقط أن محمد بن مسلمة من أهل يثرب ومن الانصار العرب الذين نصروا النبي(ص) . إن المؤرخين تركوا التدقيق في أصل محمد بن مسلمة للتغطية على أصله اليهودي, وسبب ذلك هو ولائه للخليفة الاول والثاني والثالث , وبذلك الولاء صار محمد بن مسلمة من أهل الصفوة ومن الذين لايمكن نقدهم وتجريحهم . دخل محمد بن مسلمة الاسلام وله من العمر أثنا وعشرون عاماً أو أسن قليلا بأتفاق أغلب المصادر.
إثبات يهودية محمد بن مسلمة
لمحمد بن مسلمة قريب من قبيلة الاوس العربية أسمه (سلمة بن سلامة بن وقش بن زغبة بن زاعوراء الاشهلي) ويسمى كذلك بابن زاعوراء بن عبد الاشهل, وعبد الاشهل أوسي يصل نسبه الى جده الاكبر الاوس بن حارثة (عبد الاشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الاوس)( النسب عن كتاب الانساب لابن حزم) .
( سلمة بن سلامة بن وقش بن زاعوراء هو ابن عمة محمد بن مسلمة) ( سير أعلام النبلاء للذهبي ترجمة سلمة بن سلامة). يسطع الاصل اليهودي واضحا في إسم سلمة بن سلامة بن وقش بن زاعوراء ,وليس كذلك فقط بل ان سلمة بن سلامة بن وقش هذا يروي حديثا طويلا يذكره المؤرخ ابن الاثير , وفي الحديث يتحدث سلمة بن سلامة عن طفولته فيقول:
(كان لنا جار يهودي في بني عبد الأشهل , فخرج علينا يوما من بيته حتى وقف على مجلس بني عبد الأشهل. قال سلمة وأنا يومئذ أحدث القوم سنا على بردة لي مضطجعا فيها بفناء أهلي فذكر البعث والقيامة والحساب والميزان والجنة والنار, قال ذلك لقوم من أهل شرك أصحاب أوثان فقالوا ويحك يا فلان ترى أن هذا كائن إن الناس يبعثون بعد موتهم إلى دار فيها جنة ونار يجزون بأعمالهم قال نعم والذي يحلف به قالوا وما آية ذلك قال نبي يبعث من نحو هذه البلاد وأشار بيده إلى مكة) ( أسد الغابة لابن الاثير , ترجمة سلمة بن سلامة بن وقش بن زاعوراء)
التأمل في حديث سلمة أعلاه يبين أن سلمة بن سلامة بن وقش وأهله لم يكونوا من أهل شرك وأصحاب أوثان, لان جارهم اليهودي كان يخاطب الناس وفيهم أهل شرك وأصحاب أوثان كما يبين سلمة, وحين ذلك كان سلمة مضطجعاً في مجلس بني عبدالاشهل وفي فناء أهله, فخطاب الرجل اليهودي كان موجها لقوم من أهل شرك وأصحاب أوثان حسب قول سلمة ,وسلمة بن سلامة بن وقش يستثني نفسه وأهله من ذلك بصيغة كلامه وإن كان حاضرا في ذلك المجلس حيث يقول ( قال ذلك لقوم من أهل شرك أصحاب أوثان) فهو ليس منهم كما يبدو واضحا من صيغة كلامه, فهو اذن ليس صاحب شرك وأوثان , والناس في ذلك المجلس وفي يثرب وقبل ظهور نبوة محمد (ص) كانوا أما مشركين أو يهود , وسلمة بن سلامة بن وقش بن زاعوراء وضع المخاطبين في خانة الشرك واستثنى نفسه منهم باستعماله صيغة التحدث عن قوم من أهل شرك وأصحاب أوثان, واذن هو يهودي من حلفاء بني عبد الاشهل أي من بني النضير أو يهودي من بني عبد الاشهل لأن ترجمته ترينا أن أصحاب التراجم يلحقون كلمة الاشهلي بأسمه فهو ليس حليف كمحمد بن مسلمة بل أشهلي أوسي من العرب الذين تهودوا, وبما أن سلمة بن سلامة بن وقش بن زاعوراء يهودي فحتما يكون ابن عمته يهودي , لان اليهود لايزوجوا ولايتزوجوا الا من يهود واذن ابن عمته وهو محمد بن مسلمة يهودي حليف لبني عبد الاشهل ثم صار يحمل لقب الانصاري في كتب تراجم الرجال. دليل آخر على يهودية محمد بن مسلمة هو أقترانه بأخت سلمة بن سلامة وأسمها أم عمرو بنت سلامة بن وقش بن زغبة بن زعوراء بن عبد الأشهل( كتاب طبقات الصحابة لابن سعد, باب كنى النساء ترجمة أم عمرو بنت سلامة), ، وكان متزوجا بها قبل أسلامه. ولايتزوج اليهود من غير ملتهم وبالاخص في بيئة العرب الوثنية تلك, فاليهودي يعتبر باقي الاديان منتحلة فكيف يرضى بأهل الاوثان؟
إن سلمة بن سلامة اليهودي الاصل له مواقف تبين تثبيطه لعزائم المسلمين منها بعد معركة بدر الكبرى حيث يعود المسلمون الى المدينة فرحين بنصرهم على قريش وعند وصولهم الى المدينة وقف المسلمين الذي لم يشتركوا في المعركة على ابواب المدينة يهنأون النبي (ص) بالنصر , لكن سلمة بن سلامة اليهودي المتأسلم الذي كان مع المقاتلين في بدر له موقف آخر ! لنقرأ الرواية:
(ولقيه الناس يهنئونه بالروحاء بفتح الله, فلقيه -(لقي المسلمون النبي ص)- وجوه الخزرج , فقال سلمة بن سلامة بن وقش : ما الذي تهنئوننا به؟ فوالله ماقتلنا إلا عجائز صُلعاَ, فتبسم النبي (ص) وقال : يا ابن أخي , أولئك لو رأيتهم لهبتهم, ولو أمروك لأطعتهم , ولو رأيت فعالك مع فعلاهم لاحتقرته, وبئس القوم كانوا على ذلك لنبيهم .
فقال سلمة : أعوذ بالله من غضبه وغضب رسوله, إنك يارسول لله لم تزل عني معرضاَ منذ كنا بالروحاء في بدأتنا , فقال رسول الله : إما ما قُلت للأعرابي وقعت على ناقتك فهي حبلى منك , ففحشت, وقلت ما لا علم لك به, وأما ما قُلت في القوم فإنك عمدت إلى نعمة الله تزهدها) ( مغازي الواقدي ج1 باب معركة بدر)
النص أعلاه يبين سوء أدب سلمة بن سلامة وسعيه للحط من نصر المسلمين ونفاقا ظاهراً يتقنه اليهود في تثبيط همم الخلق, وهناك جمع من اليهود من أقرباء محمد بن مسلمة وسلمة بن سلامة لم يذكر المدونون يهوديتهم منهم:
سلكان بن سلامة بن وقش وهو أخو سلمة بن سلامة ,
عباد بن بشر بن وقش ابن زغبة بن زعوراء بن عبد الأشهل,
ويروي السمعاني في أخت عباد بن بشر فيقول (ذكر محمد بن عمر الواقدي أن أمامة بنت بشر بن وقش بن زغبة هي أم علي بن أسد بن عبيد بن سعية الهدلي والهدل إخوة قريظة ودعوتهم في بني قريظة) ( الانساب للسمعاني , الجزء الرابع) وهو دليل يرجح يهودية عباد بن بشر التي حاول المؤرخون أخفاءها كما أخفوا يهودية غيره من مسلمي المدينة.
لنعود الى محمد بن مسلمة بن عمة سلمة بن سلامة . إن يهودية أهل محمد بن مسلمة تفسر لنا تسمية أهله له بمحمد آملين أن يكون هو النبي المرتقب الذي بشرت به اليهودية , فقد عرف اهله من بشارات التوراة والانجيل بأوان ظهور نبي اسمه محمد, ولم يعرف تلك البشارات انذاك سوى أهل الكتاب ومنهم أهل محمد بن مسلمة , و لمحمد بن مسلمة أخ أسمه محمود ذكره ابن الاثير في كتابه أسد الغابة في معرفة الصحابة , فأهله سموه محمودا آملين أن يكون هو النبي المرتقب كذلك, فتأمل.
إن اليهودي الذي دخل ديناً جديدا وله من العمر أثنتا وعشرون سنة لابد أنه كان حاملا لكثير من عقائد اليهود وعارفا بطقوسهم وعاداتهم وصيغ تعاملهم مع الناس, وهي خصلة لايبينها المؤرخون ولايتطرقون اليها من بعيد أوقريب كدأبهم في لي عنق الحقائق لكي تناسب مايرغبون أن يوصلوه للقارئ. لاتجد في ترجمة محمد بن مسلمة في كتب علوم الرجال أشارة الى يهوديته قبل الاسلام, بل يطلق عليه أسم الانصاري ويتكتم المؤرخون عن غير ذلك , وسبب ذلك هو انتماءه لعصبة السقيفة,
فهو كان مع أبي بكر وعمر وأبي عبيدة في سقيفة بني ساعدة يوم وفاة النبي ص ,
وكان من الاوائل الذين بايعوا أبابكر ,
وهو من المقتحمين لبيت الزهراء ع مع الخليفة الثاني عمر ,
هو الذي كسر سيف الزبير بن العوام المعارض لتولي أبوبكر الخلافة كما ترجح بعض الروايات
( راجع قصة السقيفة في بداية الكتاب , وكذلك تاريخ الطبري ج3 ص 150, السقيفة وفدك للجوهري في شرح نهج البلاغة للمعتزلي).
محمد بن مسلمة كان من المدافعين عن عثمان أيام حصاره وله موقف عجيب يومئذ سيأتي ذكره بعد قليل.
محمد بن مسلمة من الذين لم يبايعوا أمير المؤمنين علي بن ابي طالب ع!
ونقول إن اليهود كانوا ولم يزالوا يميلون مع أي كفة مادامت تقف في وجه أمير المؤمنين وأتباعه.
كان مبعوث التعامل مع اليهود عند النبي (ص) غالبا هو محمد بن مسلمة! فبعد أن يتفق النبي (ص) على أخراج يهود بني قينقاع من المدينة , جعل محمد بن مسلمة المسؤول عن قبض اموالهم ( عيون الاثر لابن سيد الناس , باب قينقاع). وكذلك بعثه النبي ص للتفاوض مع بني النضير (بعث ( النبي ) إليهم محمد بن مسلمة أن اخرجوا من بلدي فلا تساكنوني بها وقد هممتم بما هممتم به من الغدر وقد أجلتكم عشراً فمن رؤي بعد ذلك ضربت عنقه )( عيون الاثر لابن سيد الناس) ثم يكمل .....( ثم أجلاهم عن المدينة وولي إخراجهم محمد بن مسلمة وحملوا النساء والصبيان وتحملوا على ستمائة بعير) ( كتاب عيون الاثر ) . لماذا محمد بن مسلمة في التعامل مع اليهود وليس غيره؟ إن هذا دليل آخر يؤتنس به على حقيقة الاصل اليهودي لمحمد بن مسلمة لمعرفته التعامل مع قومه ومعرفة لغتهم ولهجتهم .
يروي محمد بن مسلمة رواية على لسانه وهي قصة حديثه مع اليهود وقد حدثت عندما بعثه النبي الى بني النضير ليفاوضهم , فيقول له النبي (ص) كما يروي الواقدي: (قال (ص) أذهب الى يهود بني النضير, فقل لهم : إن رسول الله أرسلني أليكم أن أخرجوا من بلده. فلما جاءهم قال : أن رسول الله أرسلني إليكم برسالة , ولست اذكرها لكم حتى أعرفكم شيئا تعرفونه. قال : أنشدتكم بالتوراة التي أنزل الله على موسى , هل تعلمون أني جئتكم قبل أن يبعث محمد وبينكم التوراة, فقلتم لي في مجلسكم هذا : يا ابن مسلمة إن شئت أن نغديك غديناك, وإن شئت أن نهودك هودناك ( يعني نجعلك يهوديا) , فقلت لكم :غدوني ولاتهودوني, فإني والله لا أتهود أبدا...) ( مغازي الواقدي, ص 350) . أن راوي الرواية هذه هو محمد بن مسلمة نفسه, ويبدو وكأنه يريد أن يبعد اليهودية عنه, فهو رواي القصة وهو ناقلها وهو الشاهد عليها, وتذكرنا بقصة قريبه سلمة بن سلامة بن وقش بن زاعوراء مع جارهم اليهودي وقد تقدم ذكرها.
يتبع لطفا.......
تعليق